وقال البلقيني: ما قاله البغوي في ذلك هو الفقه. (وحيث أدمنا) أي حكمنا بدوام النكاح بينهما، (لا تضر مقارنة العقد) أي عقد النكاح الواقع في الكفر (لمفسد هو زائل عند الاسلام) واعتقدوا صحته، (وكانت) تلك الزوجة (بحيث تحل له الآن) لو ابتدأ نكاحها، لأن الشروط لا تعتبر حال نكاح الكافر فلتعتبر حال الالتزام بالاسلام، لئلا يخلو العقد عن شروطه في الحالين معا، ويكفي الحل في بعض المذاهب كما ذكره الجرجاني. فإن اعتقدوا فساده وانقطاعه فلا تقرير بل يرتفع النكاح، وإنما حكمنا بالاستمرار مع اقتران المفسد بالعقد تخفيفا بسبب الاسلام (وإن بقي المفسد) المذكور عند الاسلام بحيث تكون محرمة عليه الآن بنسب أو رضاع أو بينونة ثلاثا أو نحو ذلك أو زال عنده واعتقدوا فساده كما مر، (فلا نكاح) يدوم بينهما. وأفهم كلامه أن المفسد الطارئ بعد العقد لا يضر، وهو كذلك إلا في رضاع أو جماع رافعين للنكاح. ثم فرع المصنف على المفسد الزائل عند الاسلام بقوله: (فيقر) تخفيفا (في نكاح بلا ولي و) لا (شهود) وبلا إذن ثيب أو بكر. والولي غير أب أو جد، إذ لا مفسد عند الاسلام، ونكاحها الآن جائز. (و) يقر أيضا في نكاح وقع (في عدة) للغير ولو بشبهة، و (هي منقضية عند الاسلام) لأنها حينئذ يجوز ابتداء نكاحها. وخرج بالمنقضية ما إذا كانت باقية فإنه لا يقر لبقاء المفسد، وصرح به في المحرر. ولو راجعها في القرء الرابع واعتقدوه صحيحا أقر لانتفاء المفسد عند الاسلام. (و) على نكاح (مؤقت إن اعتقدوه مؤبدا) ويكون ذكر الوقت لغوا، وهذا كاعتقادنا مؤقت الطلاق مؤبدا. أما إذا اعتقدوه مؤقتا فلا كما صرح به في المحرر فإنه عندنا باطل، وإنما يحتمل مثله حملا على اعتقادهم وهم لا يعتقدون تأبيده، وسواء أسلما قبل تمام المدة أم بعدها لأن قبل المدة يعتقدونه مؤقتا ومثله لا يجوز ابتداؤه، وبعدها لا نكاح في اعتقادهم، ولو غصب كافر غير ذمي امرأة كافرة غير ذمية وهم يعتقدون غصبها نكاحا أقر إقامة الفعل مقام القول، وإن غصب ذمي ذمية واتخذها زوجة فإنهم لا يقرون وإن اعتقدوه نكاحا، لأن على الإمام دفع بعضهم عن بعض، وهذا مقيد كما قاله ابن أبي هريرة بما إذا لم يتوطن الذمي دار الحرب وإلا فهو كالحربي، إذ لا يجب الدفع عنه حينئذ ويؤخذ من التعليل أنه لو غصب الحربي ذمية أو الذمي حربية واعتقدوه نكاحا أنه يقر في الثانية، وبه صرح في شرح الارشاد دون الأولى، وبه صرح البلقيني، لأن على الإمام أن يدفع أهل الحرب عن أهل الذمة ولا عكس. وكالغصب فيما ذكر المطاوعة كما صرح به في التنبيه. (وكذا لو قارن الاسلام عدة شبهة) بعد العقد بأن وقعت في دوام النكاح، كأن أسلم رجل فوطئت زوجته بشبهة ثم أسلمت، أو أسلمت فوطئت بشبهة زمن التوقف ثم أسلم في العدة، فلا يؤثر ذلك في النكاح (على المذهب) المنصوص، وإن كان لا يجوز ابتداء نكاح المعتدة، لأن عدة الشبهة لا تقطع نكاح المسلم، فهذا أولى لأنه يحتمل في أنكحة الكفار ما لا يحتمل في أنكحة المسلمين، وفي وجه من الطريق الثاني: لا يقر عليه كما لا يجوز نكاح المعتدة. أما الشبهة المقارنة للعقد كأن نكح معتدة عن شبهة ثم أسلم في أثناء عدتها فلا يقر النكاح معها، لأن المفسد قائم عند الاسلام. ونقل الشيخان عن الرقم أنه يقر، لأن الاسلام لا يمنع الدوام مع عدة الشبهة، بخلاف عدة النكاح. قالا: ولم يتعرض الجمهور لهذا الفرق، وأطلقوا اعتبار التقرير بالابتداء اه. أي فلا فرق بين عدة الشبهة والنكاح، وهو المعتمد. فإن قلت: كيف تتصور الشبهة بين الاسلاميين، فإن أحد الزوجين إذا أسلم شرعت الزوجة في عدة النكاح، وهي مقدمة على عدة الشبهة إذا لم يكن في عدة الشبهة حمل كما سيأتي في العدد. فإسلام الآخر يكون في عدة النكاح لا في عدة الشبهة؟ أجيب بأنا لا تقطع بكونها عدة نكاح، لجواز أن يسلم المتخلف فيتبين أن الماضي منها ليس عدة نكاح بل عدة شبهة.
(١٩٢)