الشافعي رضي الله عنه والبيهقي وغيرهما، وقال في النهاية: أجمع المسلمون على اتباع قضاء عمر رضي الله عنه في قاعدة الباب. والمعنى فيه مضي الفصول الأربعة، لأن تعذر الجماع قد يكون لعارض حرارة فتزول في الشتاء، أو برودة فتزول في الصيف، أو يبوسة فتزول في الربيع، أو رطوبة فتزول في الخريف، فإذا مضت السنة ولا إصابة علمنا أنه عجز خلقي.
تنبيه: ابتداء المدة من ضرب القاضي لا من وقت ثبوت العنة لأنها مجتهد فيها، بخلاف مدة الايلاء فإنها من وقت الحلف للنص. وتعتبر السنة بالأهلة، فإن كان ابتداؤها في أثناء شهر كمل من الشهر الثالث عشر ثلاثين. وظاهر كلام المصنف كغيره في ضرب السنة أنه لا فرق فيه بين الحر والعبد ولا بين المسلم وغيره، ولا بين أن يقول: مارست نفسي وأنا عنين فلا تضربوا لي مدة أم لا، وهو كذلك لأن ذلك شرع لأمر جبلي، فأشبه الحيض والرضاع، فلا يختلفون في كون المدة سنة. وإنما تضرب المدة (بطلبها) أي الزوجة لأن الحق لها. ويكفي قولها: أنا طالبة حقي بموجب الشرع وإن جهلت بتفصيل الحكم، فإن سكت لم تضرب. نعم إن علم القاضي أن سكوتها لجهل أو دهشة أو غفلة فلا بأس بتنبيهها.
تنبيه: أفهم قوله: بطلبها أن الولي لا ينوب عنها في ذلك عاقلة أو كانت مجنونة، وهو كذلك، وليس للرتقاء والقرناء دعوى العنة كما قاله صاحب الخصال ولا للأمة لأنه يلزم منه بطلان نكاحها كما قاله الجرجاني لأن العنين لا يخاف العنت وهو ظاهر إن ادعت عنه مقارنة للعقد، وإلا فتسمع لانتفاء ما ذكر. (فإذا تمت) تلك السنة المضروبة للزوج ولم يطأ على ما يأتي ولم تعتزله فيها، (رفعته) ثانيا (إليه) أي القاضي، فلا تنفسخ بلا رفع، إذ مدار الباب على الدعوى والاقرار والانكار واليمين فيحتاج إلى نظر القاضي واجتهاده.
تنبيه: قضية كلامهم بل صريحه: أن الرفع ثانيا بعد السنة يكون على الفور، وهو كما قال شيخنا المعتمد، وإن خالف في ذلك الماوردي والروياني. (فإن قال: وطئت حلف) بعد طلبها أنه وطئ كما ذكر، وإنما صدق بيمينه في ذلك مع أن الأصل عدم الوطئ لعسر إقامة بينة الجماع والأصل السلامة ودوام النكاح. هذا في الثيب، أما البكر إذا شهد أربع نسوة ببكارتها فالقول قولها للظاهر، وهل تحلف أو لا؟ فيه وجهان رجح في الشرح الصغير الأول، وهو الراجح كما قاله الأسنوي وغيره، ونقله الأذرعي وغيره عن نص الأم، وعليه قال ابن الرفعة: ظاهر النص أنها لا تحلف إلا أن يطلب الزوج يمينها، ورجح ابن المقري الثاني: فإن ادعى الزوج عود البكارة بأن قال بعد شهادتهن: أصبتها ولم أبالغ فعادت بكارتها وطلب يمينها حلفت أنه لم يصبها.
تنبيه: ما ذكره المصنف من كون القول قول الزوج في الوطئ هو أحد ثلاثة مواضع مستثناة مما إذا اختلف الزوجان في الإصابة فإن القول قول النافي أخذا بالأصل. الموضع الثاني: المولي، وهو كالعنين في أكثر ما ذكر، وإذا طلق عنين أو مول قبل الوطئ زوجته بعد أن حلفا على الوطئ فليس لهما رجعة لأنها المصدقة بيمينها في إنكارها الوطئ لدفع رجعتها وإن صدق الأول لدفع العنة، والثاني لدفع المطالبة عنه، إذ لا يلزم من تصديق الشخص للدفع عن نفسه تصديقه لاثبات حق له على غيره، إذ اليمين حجة ضعيفة. ونظروا ذلك بمسألتين: الأولى: إذا صدقنا الوديع في تلف الوديعة ثم ظهرت مستحقة وغرمه مستحقها بدلها لم يرجع به على المودع أنها لم تتلف، فيمين الوديع دافعة عنه الغرم غير مثبتة له الرجوع الثانية: دار في يد اثنين ادعى أحدهما جميعها وقال الآخر: بل هي بيننا نصفين صدق الآخر بيمينه. فإذا باع مدعي الكل نصيبه من ثالث ليس للآخر الاخذ بالشفعة، لأن يمينه رفعت الاخذ فلا تكون مثبتة له حقا. الموضع الثالث:
مطلقة ادعت الوطئ قبل الطلاق لتستوفي المهر وأنكره فأتت بولد لزمان يلحقه ظاهرا، فالقول قولها بيمينها إن لم ينفه لترجيح جانبها بالولد، وكذا نقلاه في الشرح والروضة عن الأئمة وأقراه. وأورد على حصرهما مسائل: الأولى: إذا ادعت البكارة المشروطة وأنها زالت بوطئه فتصدق بيمينها لدفع الفسخ. الثانية: إذا ادعت المطلقة ثلاثا أن المحلل وطئها وفارقها