فله ذلك، ويعزر ثانيا وثالثا وهكذا حتى يختار بشرط تخلل مدة يبرأ فيها عن ألم الأول حتى يفضي ذلك إلى هلاكه.
ولو اختار أربعا منهن ثم قال: رجعت عما اخترت لم يقبل رجوعه، نص عليه الشافعي رضي الله تعالى عنه، ولا يختار الحاكم عن الممتنع. فإن قيل: إذا امتنع المولى من الفيئة والطلاق طلق القاضي عليه فهلا كان هنا كذلك أجيب بأن هذا اختيار شهوة ولا يدري القاضي إلى أيتهن أميل، ولذلك لا يجوز التوكيل فيه.
تنبيه: ما ذكره المصنف من لزوم الاختيار، قال ابن شهبة: الأصحاب كالمجمعين عليه لحديث غيلان حاملين الامر فيه على الوجوب. قال السبكي: والذي أفهمه منه أن أمسك للإباحة وفارق للوجوب لحقهن في رفع الحبس عنهن الرفع الجمع بين العشرة، فإن الحرام الواجب ضده، والسكوت مع الكف عن الكل لا محذور فيه إلا إذا طلبن إزالة الحبس فيجب كسائر الديون وإلا لم يجب، فينبغي حمل كلامهم عليه. قال الأذرعي: وقوله أمسك أربعا للإباحة لا ينازع فيه أحد وإن أوهم كلام الكتاب وغيره الوجوب. وقوله: إن السكوت مع الكف لا محذور فيه موضع توقف، لأن السكوت مع الكف يلزم منه إمساك أكثر من أربع في الاسلام وذلك محذور اه. وهو كلام حسن. (فإن مات قبله) أي الاختيار، (اعتدت حامل به) أي بوضع الحمل ولو كانت ذات أقراء، لأن بوضعه تنقضي عدة الوفاة والفراق. (و) اعتدت (ذات أشهر وغير مدخول بها بأربعة أشهر وعشر) احتياطا لاحتمال الزوجية في كل منهن، (وذات أقراء بالأكثر من) الذي بقي من (الأقراء و) من (أربعة) من (أشهر وعشر) لأن كل واحدة تحتمل أن تكون زوجة فعليها عدة الوفاة أو مفارقة في الحياة فعليها أن تعتد بالأقراء، فوجب الاحتياط لتحل للأزواج بيقين، ففي ذات الأقراء الثلاثة الثلاثة قبل تمام أربعة أشهر وعشر أكملتها وابتداؤها من الموت، وإن مضت الأربعة والعشر قبل تمام الأقراء أتمت الأقراء، وابتداؤها من حين إسلامهما إن أسلما معا وإلا فمن حين إسلام السابق منهما.
تنبيه: قال البلقيني: ولا بد من التنبيه على أمر، وهو أنه إذا حسبت الأقراء من حين الاسلام فلا ينبغي أن يفهم لزوم الأكثر من الأقراء. والأشهر على معنى مقابلة المجموع بالمجموع، إذ يلزم على ذلك أنه لو كانت ممن يتباعد حيضها حتى مضى بين الاسلام والموت قرءان في أربعة أشهر ومضى حق القرء الآخر في شهرين مثلا فلا نقول تنقضي عدتها حينئذ وإن الأكثر الأقراء بالنسبة إلى المجموع، وإنما المراد الأكثر من أربعة أشهر وعشر وما بقي من الأقراء، صرح بذلك البغوي وهو ظاهر اه. ولذلك قدرته في كلام المصنف. (ويوقف نصيب زوجات) مسلمات من ربع أو ثمن عائل أو غيره، ولا يوزع عليهن، لأنا نعلم أن فيهن زوجات وقد جهلنا عينهن، لأن الاسلام يقر نكاح أربع زوجات ويزيل نكاح البواقي فوجب التوقف. (حتى يصطلحن) فيقسم الموقوف على ما يقع عليه الاتفاق بينهن من تفاضل أو تساو، لأن الحق لهن. نعم لو كان فيهن غير مكلفة لم يكن لوليها أن يصالح عنها على أقل ما تقتضيه القسمة كالثمن إذا كن ثمانية، أو السدس إذا كن ستة، لأنه خلاف الحظ، وقبل الاصطلاح يعطين اليقين، ففي ثمان طلب أربع منهن لم يعطين، فإن طلب خمس دفع لهن ربع الموقوف، أو ست فنصفه، أو سبع فثلاثة أرباعه، ولهن قسمة ما أخذنه والتصرف فيه. ولا ينقطع بما أخذنه تمام حقهن بناء على أنه لا يشترط في الدفع إليهن أن يبرئن عن الباقي، وهو ما صححه الشيخان، لأنا تيقنا أن فيهن من تستحق المدفوع فكيف يكلفن بدفع الحق إليهن إسقاط حق آخر إن كان. أما الزوجات الكافرات فلا يوقف لهن شئ، وكذا إذا لم يتحقق إرث المسلمات، كما إذا أسلم على أكثر من أربع كتابيات وأسلم منهن أربع، أو كان تحته أربع كتابيات وأربع وثنيات وأسلم معه الوثنيات ومات قبل الاختيار فلا يوقف للزوجات شئ ، بل تقسم كل التركة بين باقي الورثة، لأن استحقاق الزوجات الإرث غير معلوم لاحتمال أنهن الكتابيات، وكذا لو كان تحته مسلمة وكتابية فقال:
إحداكما طالق ومات ولم يبين.