تنبيه: مقتضى تعليلهم أن الجد لو وكل وكيلا في تولي الطرفين يجوز لأن له تعاطيه، وقضية كلام ابن الرفعة المنع، وهو المعتمد كما قاله شيخي، إذ لا يلزم من جواز فعل الشخص لشئ جواز توكيله فيه نعم لو وكل وكيلين في ذلك صح.
فصل: في الكفاءة المعتبرة في النكاح دفعا للعار: وليست شرطا في صحة النكاح، بل هي حق للمرأة والولي فلهما إسقاطها، وحينئذ فإذا (زوجها الولي) المنفرد كأب أو عم (غير كفء برضاها، أو) زوجها بعض (الأولياء المستوين) كإخوة وأعمام (برضاها ورضا الباقين) ممن في درجته غير كفء، (صح) التزويج لأن الكفاءة حقها وحق الأولياء كما مر، فإن رضوا بإسقاطها فلا اعتراض عليهم. واحتج له من الأم بأن النبي (ص) زوج بناته من غيره ولا أحد يكافئه. قال السبكي: إلا أن يقال إن ذلك جاز للضرورة لأجل نسلهن وما حصل من الذرية الطاهرة، كما جاز لآدم (ص) تزويج بناته من بنيه اه. وأمر النبي (ص) فاطمة بنت قيس وهي قرشية بنكاح أسامة وهو مولى للنبي (ص)، متفق عليه. وفي الدارقطني أن أخت عبد الرحمن بن عوف، وهي هالة، كانت تحت بلال. وهو مولى للصديق رضي الله تعالى عنه. وفي الصحيحين: أن المقداد رضي الله تعالى عنه تزوج ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب وكانت قرشية، والمقداد ليس بقرشي، وفيهما أيضا: أن أبا حذيفة زوج سالما مولاه لابنة أخيه الوليد بن عتبة.
فإن قيل: موالي قريش أكفاء لهم. أجيب بأن الجمهور على المنع كما نقله في زيادة الروضة.
تنبيه: شمل قوله: برضاها ما إذا كانت مجبرة واستؤذنت من غير كفء فسكتت، وهو المذهب، وسواء في ذلك الرشيدة والسفيهة كما صرح به في الوسيط، فإذا رضيت السفيهة بغير كفء صح وإن كانت محجورا عليها، لأن الحجر إنما هو في المال خاصة فلا يظهر لسفهها أثر هنا. واستثنى شارح التعجيز كفاءة الاسلام فلا تسقط بالرضا، لقوله تعالى:
* (ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا) *. ويكره التزويج من غير كفء برضاها كما قاله المتولي وإن نظر فيه الأذرعي، ومن الفاسق برضاها كما قاله الشيخ عز الدين إلا أن يكون يخاف من فاحشة أو ريبة، وقوله: المستوين زيادة بيان لأن كلام الأصحاب يقتضي أن الابعد لا يكون وليا مع الأقرب، ويدل لذلك قول المصنف رحمه الله تعالى: * (ولو زوجها الأقرب) * غير كفء (برضاها فليس للأبعد اعتراض) إذ لا حق له الآن في التزويج، لكن لو قال السبكي لو قيل لونه إنه قريب إلا أن الأقرب يقدم عليه في الاستحقاق لم يبعد، وحينئذ لا بد من قيد المستورين ليخرج الابعد فإن قيل: الابعد وإن لم يكن له ولاية لكنه يلحقه عار لنسبه فلم لا يشترط رضاه؟ أجيب بأن القرابة تنتشر كثيرا فيشق اعتبار رضاهم، ولا ضابط يوقف عنده، فالوجه قصره على الأقربين. (ولو زوجها أحدهم) أي المستوين (به) أي غير الكفء، (برضاها دون رضاهم) أي باقي المستوين، (لم يصح) التزويج به، لأن لهم حقا في الكفاءة فاعتبر رضاهم كرضا المرأة.
تنبيه: يستثنى من إطلاقه ما لو زوجها بمن به جب أو عنة برضاها فإنه يصح، ولا يعتبر رضا الباقين بذلك. وما لو رضوا بتزويجها بغير كفء ثم خالفها الزوج ثم زوجها أحدهم به برضاها دون رضا الباقين، فإنه يصح كما هو قضية كلام الروضة، وجزم به ابن المقري، لرضاهم به أولا، وإن خالف في ذلك صاحب الأنوار. وفي معنى المختلع الفاسخ والمطلق رجعيا إذا أعاد زوجته بعد البينونة والمطلق قبل الدخول. (وفي قول) نص عليه في الاملاء: (يصح ولهم الفسخ) لأن النقصان يقتضي الخيار لا البطلان كما لو اشترى معيبا. (ويجري القولان في تزويج الأب) أو الجد (بكرا صغيرة أو بالغة غير كفء). وقوله: (بغير رضاها) قيد في البالغة، (ففي الأظهر) التزويج المذكور (باطل)