الوجه ما قاله الأذرعي أنه يحرم النظر قطعا حينئذ، أما النظر بشهوة فحرام قطعا لكل منظور إليه من محرم وغيره غير زوجته وأمته، قال الشارح: والتعرض له هنا في بعض المسائل ليس للاختصاص بل لحكمة تظهر بالتأمل اه. ونقل عنه أنه قال: ما هو مظنة الشهوة غالبا قيد بالعدم وما لا فلا، وقيل: إنما قيد بذلك في الأمة لأنها لنقصها عن الحرة قد يتساهل في النظر إليها فدفع ذلك بالتقييد المذكور. (و) الأصح حل النظر (إلى صغيرة) لا تشتهى لأنها ليست في مظنة الشهوة. والثاني:
يحرم، لأنها من جنس الإناث. قال ابن الصلاح: حكاية الخلاف في وجه الصغيرة التي لا تشتهى يكاد أن يكون خرقا للاجماع.
(إلا الفرج) فلا يحل نظره. قال الرافعي كصاحب العدة: اتفاقا. ورده في الروضة بأن القاضي جوز جزما فليس ذلك اتفاقا بل فيه خلاف، لا أنه رد الحكم كما فهمه ابن المقري فصرح بالجواز. وأما فرج الصغير فكفرج الصغيرة على المعتمد، وإن قال المتولي بجواز النظر إليه إلى التمييز وتبعه السبكي على ذلك. واستثنى ابن القطان الأم زمن الرضاع والتربية لمكان الضرورة وهو ظاهر، وينبغي أن تكون المرضعة غير الأم كالا. (و) الأصح (أن نظر العبد) الفحل العفيف كما قاله البغوي وغيره غير المبعض والمشترك والمكاتب، (إلى سيدته) العفيفة كما قاله الواحدي وغيره، (و) أن (نظر ممسوح) إلى أجنبية سواء أكان حرا أم لا، وهو ذاهب الذكر والأنثيين، (كالنظر إلى محرم) فيحل نظرهما بلا شهوة نظر المحرم، أما الأولى فلقوله تعالى: * (أو ما ملكت أيمانهن) *، ولقوله (ص) لفاطمة رضي الله تعالى عنها وقد أتاها ومعه عبد قد وهبه لها وعليها ثوب إذا قنعت به رأسها لم يبلغ رجليها، وإذا غطت به رجليها لم يبلغ رأسها، فلما رآها النبي (ص) وما تلقى قال: إنه ليس عليك بأس إنما هو أبوك وغلامك رواه أبو داود، وأما في الثانية فلقوله تعالى: * (أو التابعين غير أولي الأربة) * أي الحاجة إلى النكاح. والثاني: يحرم نظرهما كغيرهما، والمراد بالأربة الإماء والمغفلون الذين لا يشتهون النساء، فخرج بذلك الفاسق وإن كان فسقه بغير الزنا، خلافا لابن العماد، والمبعض. قال الماوردي: لا يختلف أصحابنا أنه مع سيدته كالأجنبي والمكاتب كما نقله في الروضة عن القاضي وأقره. ولا فرق بين أن يكون معه وفاء النجوم أو لا خلافا للقاضي في الشق الثاني، وقيل: إنه كالقن، ونقل عن نص الشافعي، وقال الزركشي: فتجب الفتوى به. فإن قيل: يشكل على الأول جواز نظر السيد إلى مكاتبته. أجيب بأن المالكية أقوى من المملوكية. وينبغي كما قال الزركشي تقييد الجواز في الممسوح بأن يكون مسلما في حق المسلمة فإن كان كافرا منع على الأصح لأن أقل أحواله أن يكون كالمرأة الكافرة. (و) الأصح (أن المراهق) وهو بكسر الهاء: من قارب الحلم، حكمه في نظره للأجنبية (كالبالغ) فيلزم الولي منعه منه ويلزمها الاحتجاب منه كالمجنون في ذلك لظهوره على العورات، وقد قال تعالى: * (أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء) *. والثاني: له النظر كالمحرم. أما الدخول على النساء الأجانب بغير استئذان فإنه جائز إلا في دخوله عليهن في الأوقات الثلاثة التي يضعن فيها ثيابهن فلا بد من استئذانه في دخوله فيها عليهن، الآية: * (ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم) *، وأما غير المراهق فقال الإمام: إن لم يبلغ حدا يحكي ما يراه فكالعدم، أو بلغه من غير شهوة فكالمحرم، أو بشهوة فكالبائع.
تنبيه: نقل الماوردي الاتفاق على أنه لا يلزم العبد الاستئذان، أي على سيدته، إلا في الأوقات الثلاثة، وسببه كثرة الحاجة إلى الدخول والخروج والمخالطة. (ويحل) بلا شهوة عند أمن الفتنة (نظر رجل إلى رجل) اتفاقا، (إلا ما بين سرة وركبة) فيحرم ولو من ابن وسيد لأنه عورة، ولا فرق بين أن يكون في حمام أو غيره. ونقل القاضي حسين عن علي رضي الله تعالى عنه أن الفخذ في الحمام ليس بعورة. (ويحرم نظر أمرد) وهو الشاب الذي لم تنبت لحيته، ولا يقال لمن أسن ولا شعر بوجهه أمرد، بل يقال له ثط بالثاء المثلثة (بشهوة) بالاجماع. ولا يختص هذا بالأمرد كما مر، بل النظر إلى الملتحي وإلى النساء المحارم بالشهوة حرام قطعا، وإنما ذكره توطئة لما بعده، وضابط الشهوة فيه كما قاله في الاحياء أن كل من تأثر بجمال صورة الأمرد بحيث يظهر من نفسه الفرق بينه وبين الملتحي، فهذا لا يحل له النظر