للنية لصحة الاعتكاف إن أراده بعد العود وإن لم يطل الزمن لقطعه الأول بالخروج لغير قضاء الحاجة. وأما العود فلا يلزمه في النفل لجواز الخروج منه. (أو) خرج (لها) أي الحاجة (فلا) يلزمه استئناف النية وإن طال زمن قضاء الحاجة، لأنه لا بد منه، فهو كالمستثنى عند النية. (وقيل إن طالت مدة خروجه) لقضاء الحاجة أو لغيرها (استأنف) النية لتعذر البناء بخلاف ما إذا لم يطل. (وقيل لا يستأنف) النية (مطلقا) لأن النية شملت جميع المدة بالتعيين. أما إذا نذر أياما معينة وشرط فيهما التتابع فحكمه ما ذكره في قوله: (ولو نذر مدة متتابعة فخرج لعذر لا يقطع التتابع) كقضاء حاجة وحيض وأكل وغير ذلك من الاعذار الآتية، وعاد (لم يجب استئناف النية) عند العود لشمولها جميع المدة، وتجب المبادرة إلى العود عند زوال العذر. فإن أخر ذاكرا عالما مختارا انقطع تتابعه وتعذر البناء. (وقيل إن خرج لغير) قضاء (الحاجة، و) غير (غسل الجنابة) يعني مما له منه بد كالأكل فإنه مع إمكانه في المسجد يجوز الخروج له على الصحيح، لأنه قد يستحي منه ويشق عليه فيه بخلاف الشرب فلا يجوز الخروج له مع إمكانه في الأصح، فإنه لا يستحيا منه في المسجد. (وجب) استئناف النية لخروجه عن العبادة بما عرض له من الاعذار مما له عنه بد.
تنبيه: قد علم مما تقرر أن اقتصاره كالمحرر عن استثناء قضاء الحاجة وغسل الجنابة من محل الخلاف ليس بجيد، فلو عبر بما قدرته كان أولى، واحترز بقوله لا يقطع التتابع عما يقطعه، فإنها تجب قطعا. ثم شرع في الركن الرابع وله شروط ذكرها بقوله: (وشرط المعتكف: الاسلام والعقل والنقاء عن الحيض) والنفاس (والجنابة)، فلا يصح اعتكاف كافر ومجنون ومبرسم وسكران ومغمى عليه ومن لا تمييز له، لعدم صحة نيتهم، ولا حائض ونفساء وجنب لحرمة مكثهم في المسجد، وقضية ذلك أن كل من حرم مكثه في المسجد كذي جراح وقروح واستحاضة ونحوها إذا لم يكن حفظ المسجد منها لا يصح اعتكافه. وهو كذلك، وإن قال الأذرعي هذا موضع نظر. نعم لو اعتكف في مسجد وقف على غيره دونه صح اعتكافه فيه وإن حرم عليه لبثه فيه، كما لو تيمم بتراب مغصوب، وقس على هذا ما يشبهه.
تنبيه: محل عدم صحة اعتكاف المغمى عليه في الابتداء، أما لو طرأ عليه في أثناء اعتكافه فإنه لا يبطل ويحسب زمنه من اعتكافه كما سيأتي في كلامه. ويصح اعتكاف الصبي المميز والرقيق والزوجة، لكن لا يجوز إلا بإذن من السيد للرقيق ومن الزوج للزوجة، لأن منفعة العبد مستحقة لسيده والتمتع مستحق للزوج، وإن حقهما على الفور بخلاف الاعتكاف. نعم إن لم يفوتا عليهما منفعة كأن حضر ل المسجد بإذنهما فنويا الاعتكاف فإنه يجوز، ويكره لذوات الهيئة كما في خروجهن للجماعة، وللزوج إخراج الزوجة، وللسيد إخراج الرقيق من التطوع وإن اعتكفا بإذنهما لما مر، وكذا من النذر إلا إن أذنا فيه وفي الشروع فيه وإن لم يكن زمن الاعتكاف معينا ولا متتابعا أو في أحدهما وزمن الاعتكاف معين، وكذا إن أذنا في الشروع فيه فقط وهو متتابع، وإن لم يكن زمنه معينا فلا يجوز لهما إخراجهما في الجميع لإذنهما في الشروط مباشرة أو بواسطة، لأن الاذن في النذر المعين إذن في الشروع فيه، والمعين لا يجوز تأخيره والمتتابع لا يجوز الخروج منه لما فيه من إبطال العبادة الواجبة بلا عذر، ولو نذر العبد اعتكاف زمن معين بإذن سيده ثم انتقل عنه إلى غيره ببيع أو وصية أو إرث فله الاعتكاف بغير إذن المنتقل إليه لأنه صار مستحقا قبل تمكنه، ومثله الزوجة، لكن إن جهل المشتري فله الخيار في فسخ البيع. ويجوز اعتكاف المكاتب بغير إذن سيده، إذ لا حق للسيد في منفعته فهو كالحر، وإن قال القاضي صوره أصحابنا بما لا يخل بكسبه لقلة زمنه أو لامكان كسبه في المسجد كالخياطة، وأما المبعض فهو كالقن إن لم يكن مهايأة، وإلا فهو في نوبته كالحر، وفي نوبة سيده كالقن. (ولو ارتد المعتكف أو سكر) متعديا (بطل) اعتكافه في زمن ردته وسكره لعدم أهليته، أما غير المتعدي فيشبه كما قال الأذرعي أنه كالمغمى