وكذا إن كانت السقاية مصونة مختصة بالمسجد كما بحثه بعض المتأخرين. (ولا يضر بعدها) أي داره المذكورة عن المسجد مراعاة لما سبق من المشقة والمنة. (إلا أن يفحش) البعد، وضابطه كما قاله البغوي أن يذهب أكثر الوقت في التردد إليها مع وجود مكان لائق بطريقه، أو يكون له دار أخرى أقرب منها. (فيضر في الأصح) لأنه قد يحتاج في عوده إليها إلى البول، فيمضي يومه في الذهاب والاياب، ولاغتنائه بالأقرب من داريه. فإن لم يجد في طريقه مكانا أو وجده ولم يلق به أن يدخله لم يضر فحش البعد. والثاني: لا يضر هذا الفحش مطلقا، لما سبق من مشقة الدخول لقضاء الحاجة في غير داره. ولا يجوز الخروج لنوم ولا لغسل جمعة أو عيد كما ذكره الخوارزمي. (ولو عاد مريضا) أو زار قادما (في طريقه) لقضاء حاجته، (لم يضر ما لم يطل وقوفه) بأن لم يقف أصلا، أو وقف وقفة يسيرة كأن اقتصر على السلام والسؤال. (أو) لم (يعد إلى عن طريقه) بأن كان المريض أو القادم فيها، لقول عائشة رضي الله تعالى عنها:
إني كنت أدخل البيت للحاجة، أي التبرز، والمريض فيه، فما أسأل عنه إلا وأنا مارة رواه مسلم. وفي سنن أبي داود مرفوعا عنها: أنه (ص) كان يمر بالمريض وهو معتكف فيمر كما هو يسأل عنه ولا يعرج. فإن طال وقوفه عرفا أو عدل عن طريقه وإن قل ضر، ولو صلى في طريقه على جنازة فإن لم ينتظرها ولم يعدل إليها عن طريقه جاز وإلا فلا. (ولا ينقطع التتابع ب) - خروجه ل (- مرض يحوج إلى الخروج) أي إذا خرج، لأن الحاجة داعية إليه كالخروج لقضاء الحاجة. وفي قول أنه ينقطع، لأن المرض ليس بضروري ولا غالب بخلاف قضاء الحاجة. وهذا القول يؤخذ من قول المحرر في أظهر القولين، وأهمله المصنف. والمحوج إلى الخروج هو الذي يشق المقام معه في المسجد لحاجة فرش وخادم وتردد طبيب، أو بأن يخاف منه تلويث المسجد كإسهال وإدرار بول، بخلاف مرض لا يحوج إلى الخروج كصداع وحمى خفيفة فينقطع التتابع بالخروج له. وفي معنى المرض المذكور الخوف من لص أو حريق. (ولا) ينقطع التتابع (بحيض إن طالت مدة الاعتكاف) بأن كانت لا تخلو عنه غالبا كشهر، كما مثل به الروياني، ومثل في المجموع بأكثر من خمسة عشر يوما، واستشكله الأسنوي بأن الثلاثة والعشرين تخلو عن الحيض غالبا لأن غالب الحيض ست أو سبع، والغالب أن الشهر الواحد لا يكون فيه إلا طهر واحد وحيضة واحدة اه. ويمكن حمل عبارة المجموع على الزيادة على ما ذكر فتبني على ما سبق إذا طهرت لأنه بغير اختيارها. (فإن كانت) مدة الاعتكاف، (بحيث تخلو عنه) أي الحيض (انقطع) التتابع (في الأظهر) لامكان الموالاة بشروعها عقب الطهر، والثاني: لا ينقطع لأن جنس الحيض مما يتكرر في الجملة فلا يؤثر في التتابع كقضاء الحاجة، والنفاس كالحيض كما نبه عليه في المجموع. (ولا) ينقطع التتابع (بالخروج) من المسجد (ناسيا) لاعتكافه، (على المذهب) المقطوع به كما صححه في المجموع إن تذكر عن قرب، كما لا يبطل الصوم بالاكل ناسيا. وقيل: ينقطع، لأن مشاهدة مكان الاعتكاف مذكرة له فيبعد معها النسيان، بخلاف الصوم فإن طال فهو كالأكل الكثير ناسيا، وتقدم الخلاف فيه، وأن الراجح عند المصنف أنه لا يضر، والجاهل الذي يخفى عليه ذلك كالناسي. ولو حمل وأخرج مكرها لم يضر، وكذا لو أكره فخرج بنفسه في الأظهر إن كان الاكراه بغير حق، فإن كان بحق وهو مماطل به أو اعتكف العبد أو الزوجة بغير إذن فأكره على الخروج فإنه يبطل اعتكافه لتقصيره.
وفي معنى الاكراه خوفه من ظالم أو خوف غريم له وهو معسر ولا بينة، فلا ينقطع التتابع لعذره. ولو خرج لأداء شهادة تعين عليه حملها وأداؤها لم ينقطع تتابعه لاضطراره إلى الخروج وإلى سببه، بخلاف ما إذا لم يتعين عليه أحدهما أو تعين أحدهما دون الآخر، لأنه إن لم يتعين عليه الأداء فهو مستغن عن الخروج وإلا فتحمله لها إنما يكون للأداء فهو باختياره، ومحل هذا كما قال شيخنا: إذا تحمل بعد الشروع في الاعتكاف وإلا فلا ينقطع التتابع، كما لو نذر صوم الدهر