نقصان الشهر، فيكون ذلك اليوم داخلا في نذره لكونه أول العشرة من آخر الشهر. فلو فعل هذا ثم بان النقص قطع البغوي بإجزائه عن قضاء يوم، وقال في المجموع: يحتمل أن يكون فيه الخلاف فيمن تيقن طهرا وشك في ضده فتوضأ محتاطا فبان محدثا، أي فلا يجزئه، وهذا هو الظاهر. (وإذا ذكر) الناذر (التتابع) في نذره لفظا (وشرط الخروج لعارض) مباح مقصود غير مناف للاعتكاف، (صح الشرط في الأظهر) وبه قطع الجمهور، لأن الاعتكاف إنما لزم بالتزامه فيجب بحسب ما التزمه، فإن شرطه لخاص من الأغراض كعيادة المرضى خرج له دون غيره وإن كان غيره أهم منه، أو عام كشغل يعرض له خرج لكل مهم ديني كالجمعة والجماعة أو دنيوي مباح كلقاء السلطان والقاضي واقتضاء الغريم، والثاني:
يلغو الشرط لمخالفته لمقتضى التتابع. وخرج بقوله: شرط الخروج لعارض ما لو شرط قطع الاعتكاف له، فإنه وإن صح لكنه لا يجب عليه العود عند زوال العارض، بخلاف ما لو شرط الخروج للعارض فإنه يجب العود. وبقوله: لعارض ما لو قال:
إلا أن يبدو لي، فإن الشرط باطل على الأصح لأنه علقه بمجرد الخيرة وذلك يناقض الالتزام، وكذا النذر كما قاله البغوي، وهو الأشبه في الشرح الصغير، ولم يصرحا في الروضة، وأصلها بترجيح، وبقولي مباح ما لو شرطه لعارض محرم كسرقة، وبمقصود ما لو شرطه لغير مقصود كنزهة، وبغير مناف للاعتكاف ما لو شرطه لمناف له كالجماع، كأن قال: إن اخترت جامعت أو إن اتفق لي جماع جامعت فإنه لا ينعقد نذره كما صرحوا به في المحرم والجماع، ومثلهما البقية. وقد علم مما ذكر ما في عبارة المصنف من الاجحاف. (والزمان المصروف إليه) أي العارض المذكور، (لا يجب تداركه إن عين المدة كهذا الشهر) لأن المنذور من الشهر إنما هو اعتكاف ما عدا العارض. (وإلا) بأن لم يعين مدة كشهر مطلق، (فيجب) تداركه، أي الزمن المصروف للعارض لتتم المدة الملتزمة، وتكون فائدة الشرط تنزيل ذلك العارض منزلة قضاء الحاجة في أن التتابع لا ينقطع به. (وينقطع التتابع) أيضا (بالخروج) من المسجد بكل بدنه، أو بما اعتمد عليه من الرجلين أو اليدين أو الرأس قائما أو منحنيا أو من العجز قاعدا، أو من الجنب مضطجعا، (بلا عذر) من الاعذار الآتية، وإن قل زمنه لمنافاته اللبث، لأنه في مدة الخروج المذكور غير معتكف، وهذا في العامد العام بالتحريم المختار. (ولا يضر) في تتابع الاعتكاف (إخراج بعض الأعضاء) من المسجد كرأسه أو يده، لأنه لا يسمى خارجا، ففي الصحيحين: أنه (ص) كان يدني رأسه إلى عائشة فترجله، أي تسرحه وهو معتكف في المسجد. ولو أخرج إحدى رجليه واعتمد عليهما لم يضر لأن الأصل عدم الخروج، فإن أخرجهما واعتمد عليهما ضر وإن كان رأسه داخلا. (ولا) يضر (الخروج لقضاء الحاجة) بالاجماع، لأنه ضروري ولو كثر لعارض ولا يشترط فيها لضرورة، وإذا خرج لا يكلف الاسراع بل يمشي على سجيته. فلو تأتى أكثر من ذلك بطل كما في زيادة الروضة عن البحر. ويجوز له أن يتوضأ بعد قضائها خارج المسجد تبعا لها مع أنه لا يجوز الخروج له منفردا إن كان تجديدا، وكذا عن حدث على الأصح إذا أمكنه في المسجد.
تنبيه: اقتصار المصنف على قضاء الحاجة قد يوهم أنه لا يجوز له الخروج لغيرها وليس مرادا، بل يجوز لغسل الجنابة وإزالة النجاسة كرعاف، وكذا الاكل على الأصح، لأن الاكل في المسجد يستحيا منه وإن أمكنه الاكل فيه كما مر بخلاف الشرب إذا وجد الماء فيه. ويؤخذ من العلة أن الكلام في مسجد مطروق بخلاف المختص لمنفعتها ولو مستعارة والمهجور، وبه صرح الأذرعي وهو ظاهر. فإن خرج للشرب مع وجود الماء في المسجد أو لتجديد وضوء انقطع تتابعه، والظاهر كما قال شيخنا أن الوضوء المندوب لغسل الاحتلام مغتفر كالتثليث في الوضوء الواجب. (ولا يجب فعلها في غير داره) المستحق لمنفعتها ولو مستعارة، كسقاية المسجد ودار صديق له بجوار المسجد، لما في ذلك من المشقة وخرم المروءة، وتزيد دار الصديق بالمنة بها. نعم من لا يحتشم من السقاية يكلفها كما صرح به القاضي حسين،