في الأجنبي مرتب على الخلاف في الابن، وأولى بأن لا يجب، قاله في البيان. والأب كالابن في أصح احتمالين للامام، والاحتمال الآخر أنه كالأجنبي. وعلى الأول لو كان الولد المطيع عاجزا عن الحج أيضا وقدر على أن يستأجر له من يحج وبذل له ذلك وجب على المبذول له كما نقله في الكفاية عن البندنيجي وجماعة. وفي المجموع عن تصحيح المتولي:
لو استأجر المطيع إنسانا للحج عن المطاع والمعضوب، فالمذهب لزومه إن كان المطيع ولدا لتمكنه، فإن كان المطيع أجنبيا ففيه وجهان اه. ومقتضى كلام الشيخ أبي حامد لزومه، وكلام البغوي عدم لزومه، وهو الظاهر كما اعتمده الأذرعي وكلام المصنف يقتضيه. وكالولد في هذا الوالد. (ولو بذل الولد) وإن سفل ذكرا كان أو أنثى، (الطاعة) في النسك بنفسه، (وجب قبوله) وهو الاذن له في ذلك، لأن المنة في ذلك ليست كالمنة في المال لحصول الاستطاعة، فإن امتنع لم بأذن الحاكم عنه على الأصح لأن الحج مبني على التراخي. (وكذا الأجنبي) لو بذل الطاعة يجب قبوله (في الأصح) لما ذكر. والأب والام في بذل الطاعة كالأجنبي، ومحل اللزوم إذا وثق بهم ولم يكن عليهم حج ولو نذرا، وكانوا ممن يصح منهم فرض حجة الاسلام ولم يكونوا معضوبين. ولو توسم الطاعة من واحد منهم لزمه أمره كما يقتضيه كلام الأنوار وغيره، ولا يلزم الولد طاعته كما في المجموع بخلاف إعفافه لأنه لا ضرر هنا على الوالد بامتناع ولده من الحج لأنه حق للشرع فإذا عجز عنه لا يأثم ولا يجب عليه بخلافه، ثم فإنه لحق الوالد وضرره عليه فهو كالنفقة، قاله في المجموع. ولو كان الابن وإن سفل أو الأب وإن علا ماشيا أو كان كل منهما، ومن الأجنبي معولا على الكسب أو السؤال، ولو راكبا، أو كان كل منهما مغرورا بنفسه بأن كان يركب مفازة ليس فيها كسب ولا سؤال، لم يلزمه قبول في ذلك لمشقة مشي من ذكر عليه بخلاف مشي الأجنبي. والكسب قد ينقطع والسائل قد يرد والتغرير بالنفس حرام. وتقدم أن القادر على المشي والكسب في يوم كفاية أيام لا يعذر في السفر القصير، فينبغي كما قال الأذرعي وجوب القبول في المكي ونحوه. ولو رجع المطيع ولو بعد الاذن له عن طاعته قبل إحرامه جاز لأنه متبرع بشئ لم يتصل به الشروع، أو بعده فلا لانتفاء ذلك وإذا رجع في الأولى قبل أن يحج أهل بلده تبينا أنه لم يجب على المطاع. ولو امتنع المعضوب من الاستئجار لمن يحج عنه أو من استنابة المطيع لم يلزمه الحاكم بذلك ولم ينب عنه فيه، وإن كان الاستئجار والاستنابة واجبين على الفور في حق من عضب مطلقا في الإنابة وبعد يساره في الاستئجار، لأن مبنى الحج على التراخي كما مر، ولأنه لا حق فيه للغير بخلاف الزكاة.
ولو مات المطيع أو رجع عن الطاعة أو مات المطاع، فإن كان بعد إمكان الحج استقر الوجوب في ذمة المطاع وإلا فلا، ولو كان له مال أو مطيع ولم يعلم بالمال ولا بطاعة المطيع ثم علم بذلك وجب عليه الحج اعتبارا بما نفس الامر. وتجوز النيابة في حج التطوع وعمرته كما في النيابة عن الميت إذا أوصى بذلك، ويجوز أن يحج عنه بالنفقة وهي قدر الكفاية كما يجوز بالإجارة والجعالة، وإن استأجر بها لم يصح لجهالة العوض. ولو قال المعضوب: من يحج عني فله مائة درهم، فمن حج عنه ممن سمعه أو سمع من أخبر عنها استحقها، فإن أحرم عنه اثنان مرتبا استحقها الأول، فإن أحرما معا أو جهل السابق منهما مع جهل سبقه أو بدونه وقع حجهما عنهما ولا شئ لهما على القائل إذ ليس أحدهما بأولى من الآخر، ولو علم سبق أحدهما ثم نسي فقياس نظائره ترجيح الوقف. ولو كان العوض مجهولا كأن قال: من حج عني فله ثوب، وقع الحج عنه بأجرة المثل.
خاتمة: الاستئجار فيما ذكر ضربان: استئجار عين، واستئجار ذمة، فالأول ك استأجرتك لتحج عني أو عن ميتي هذه السنة، فإن عين غير السنة الأولى لم يصح العقد، وإن أطلق صح وحمل على السنة الحاضرة، فإن كان لا يصل إلى مكة إلا لسنتين فأكثر، فالأولى من سني إمكان الوصول. ويشترط لصحة العقد قدرة الأجير على الشروع في العمل واتساع المدة له، والمكي ونحوه يستأجر في أشهر الحج. الضرب الثاني: كقوله ألزمت ذمتك تحصيل حجة، ويجوز الاستئجار في هذا الضرب على المستقبل، فإن أطلق حمل على الحاضرة فيبطل إن ضاق الوقت، ولا يشترط قدرته على السفر لامكان الاستنابة في إجارة الذمة. ولو قال ألزمت ذمتك لتحج عني بنفسك صح، ويكون إجارة عين. ويشترط