(ص) أخره إلى السنة العاشرة بلا مانع، وقيس به العمرة، لكن التأخير إنما يجوز بشرط العزم على الفعل في المستقبل كما مر بيانه في الصلاة، وأن لا يتضيق بنذر أو قضاء أو خوف عضب، فلو خشي من وجب عليه الحج أو العمرة العضب حرم عليه التأخير لأن الواجب الموسع إنما يجوز تأخيره بشرط أن يغلب على الظن السلامة إلى وقت فعله. قال في المجموع قال المتولي: ومثله من خشي هلاك ماله. (وشرط صحته) أي ما ذكر من حج أو عمرة، (الاسلام) فقط، فلا يصح من كافر أصلى أو مرتد لعدم أهليته للعبادة، ولو ارتد في أثناء نسكه بطل في الأصح فلا يمضي في فاسده. وعبارة الكتاب ليست صريحة في نفي اشتراط ما عدا الاسلام، ولذلك قيدته ب فقط مع أن المحرر قد صرح به، فقال: ولا يشترط لصحة الحج للشخص إلا الاسلام، وقول الأذرعي: من شروط الصحة أيضا الوقت والنية ممنوع في النية، فإن النية من الأركان. وأما الوقت، أي اتساعه، ففيه خلاف يأتي، ولا يشترط في صحة ما ذكر تكليف. (فللولي) في المال ولو وصيا وقيما بنفسه وبمأذونه وإن لم يؤد الولي نسكه أو أحرم به. (أن يحرم عن الصبي الذي لا يميز ) لما رواه مسلم عن ابن عباس: أن النبي (ص) لقي ركبا بالروحاء، فرفعت امرأة إليه صبيا، فقالت: يا رسول الله ألهذا حج؟ قال:
نعم ولك أجر، وفي رواية أبي داود: فأخذت بعضد صبي ورفعته من محفتها، وجه الدلالة منه أن الصبي الذي يحمل بعضده ويخرج من المحفة لا تميز له. (و) أن يحرم عن (المجنون) قياسا على الصبي، خلافا لكثير من العراقيين القائلين بالمنع، وإن نقله الأذرعي عن الجمهور واختاره، وفرق بأن الصبي من نوع من يصح عبادته فينوي الولي بقلبه جعل كل منهما محرما، أو يقول أحرمت عنه. ولا يشترط حضورهما ولا مواجهتهما بالاحرام، ولا يصير الولي بذلك محرما.
وللولي أن يحرم عن المميز أيضا وإن أفهمت عبارته خلافه، فلو عبر بقوله ولو لم يميز أو ميز كان أولى. وله أن يأذن له في الاحرام، ولا يصح إحرامه بغير إذن وليه كما سيأتي. والمراد بالصبي والمجنون: الجنس الصادق بالذكر والأنثى، وأفهم كلام المصنف أنه لا يجوز لغير الولي كالجد مع وجود الأب الاحرام عمن ذكر، وهو الصحيح. وأجابوا عما يوهمه الحديث السابق من جواز إحرام الام عنه باحتمال أنها كانت وصية أو أن الاجر الحاصل لها إنما هو أجر الحمل والنفقة، إذ ليس في الحديث تصريح بأنها التي أحرمت به أو أن الولي أذن لها، فإن للولي أن يأذن لمن يحرم عن الصبي كما علم مما مر، وصرح به في زيادة الروضة. ولو أحرم به الولي ثم أعطاه لمن يحضره الحج صح بلا خلاف، وحيث صار الصبي غير المميز محرما فعلى الولي المذكور به وكذا بالمجنون ما لا يتأتى منه. ولا يكفي فيه فعل الولي فقط بل لا بد من استصحابه معه فيطوف به ويسعى، ولكن يركع عنه ركعتي الاحرام والطواف، فإن أركبه الولي في الطواف والسعي فليكن سائقا أو قائدا للدابة، فإن لم يفعل لم يصح طوافه. قال الأسنوي: والمتجه الجزم بوجوب طهارة الخبث وستر العورة في الطواف، وقضيته أنه لا يشترط طهارة الحدث، وهو الموافق لما مر في صفة الوضوء، لكن قال الماوردي:
ينبغي أن يكون الولي والصبي متوضئين فيه. فإن كان الصبي متوضئا دون الولي لم يجزه، أو بالعكس فوجهان. وكأنه اغتفر صحة وضوء غير المميز للضرورة كما اغتفرت صحة طهر المجنونة التي انقطع حيضها لتحل لحليلها المسلم. ويؤخذ من التشبيه أن الولي ينوي عنه، وهذا هو الظاهر. ويحضر الولي من ذكر المواقف وجوبا في الواجبة وندبا في المندوبة.
فإن قدر من ذكر على الرمي رمى وجوبا، فإن عجز عن تناول الأحجار ناولها له وليه. فإن عجز عن الرمي استحب للولي أن يضع الحجر في يده ثم يرمي به بعد رميه عن نفسه، فإن لم يكن رمى عن نفسه وقع الرمي عن نفسه وإن نوى به الصبي. ولو فرط الصبي في شئ من أعمال الحج كان وجوب الدم في مال الولي. ويجب عليه منعه من محظورات الاحرام، فإن ارتكب منها شيئا وهو مميز وتعمد فعل ذلك فالفدية في مال الولي في الأظهر، أما غير المميز فلا فدية في ارتكابه محظورا على أحد. والنفقة الزائدة بسبب السفر في مال الولي في الأصح لأنه المورط له في ذلك، وهذا بخلاف ما لو قبل للمميز نكاحا، إذ المنكوحة قد تفوت والنسك يمكن تأخيره إلى البلوغ. وفارق ذلك أجرة تعليمه ما ليس بواجب حيث وجبت في مال الصبي بأن مصلحة التعليم كالضرورة، لأنه إذا لم يفعلها الولي في الصغر احتاج