(ص): لا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة ولان المقتضى لتأثير الخلطة في الماشية هو خفة المؤنة، وذلك موجود هنا للاتفاق باتحاد الجرين والناطور وغيرهما. والثاني وهو القديم: لا تؤثر مطلقا، لأن المواشي فيها أوقاص، فالخلطة فيها تنفع المالك تارة والمستحقين أخرى، ولا وقص في غير المواشي. والثالث: تؤثر في خلطة الاشتراك فقط، وعلى الأول إنما تؤثر خلطة الجوار في المزارعة. (بشرط أن لا يتميز الناطور) وهو بالمهملة أشهر من المعجمة: حافظ الزرع والشجر. (والجرين) وهو بفتح الجيم: موضع تجفيف الثمار، والبيدر، وهو بفتح الموحدة والدال المهملة: موضع تصفية الحنطة، قاله الجوهري.
وقال الثعالبي: الجرين للزبيب والبيدر للحنطة والمربد بكسر الميم وإسكان الراء للتمر. (و) في التجارة بشرط أن لا يتميز (الدكان) وهو بضم الدال المهملة: الحانوت. (والحارس) وهو معروف. (ومكان الحفظ) كخزانة وإن كان مال كل بزاوية.
(ونحوها) كالميزان والوزان والنقاد والمنادي والحراث وجذاذ النخل والكيال والجمال والمتعهد والملقح والحصاد وما يسقى به لهما، فإذا كان لكل منهما نخيل أو زرع مجاور لنخيل الآخر أو لزرعه أو لكل واحد كيس فيه نقد في صندوق واحد وأمتعة تجارة في مخزن واحد ولم يتميز أحدهما عن الآخر بشئ مما سبق نبتت الخلطة، لأن المالين يصيران بذلك كالمال الواحد كما دلت عليه السنة في الماشية. (ولوجوب زكاة الماشية) أي الزكاة فيها، (شرطان) مضافان لما مر من كونهما نصابا من النعم، ولما سيأتي من كمال الملك وإسلام المالك وحريته. وكان الأولى أن يقول ولوجوب زكاة النعم، لأن النعم هو الأخص المتكلم عليه وهو أحد الشرطين. الشرط الثالث: (مضي الحول) سمي بذلك لأنه حال، أي ذهب وأتى غيره. (في ملكه) لحديث: لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول رواه أبو داود ولم يضعفه، ولأنه لا يتكامل نماؤه قبل تمام الحول. ( لكن ما نتج) بضم النون وكسر التاء على البناء للمفعول، (من نصاب) وتم انفصاله قبل تمام حول النصاب ولو بلحظة.
(يزكى بحوله) أي النصاب، لكن بشرط أن يكون مملوكا لمالك النصاب بالسبب الذي ملك به النصاب إن اقتضى الحال وجوب الزكاة فيه وإن ماتت الأمهات لقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه لساعيه: اعتد عليهم بالسخلة، وهي تقع على الذكر والأنثى من الضأن والمعز ما لم تبلغ سنة، رواه مالك في الموطأ. ولان الحول إنما اعتبر لتكامل النماء الحاصل، والنتاج نماء في نفسه، فعلى هذا إذا كان عنده مائة وعشرون من الغنم فولدت واحدة منها سخلة قبل الحول ولو بلحظة والأمهات كلها باقية لزمه شاتان. ولو ماتت الأمهات وبقي منها دون النصاب أو ماتت كلها وبقي النتاج نصابا في الصورة الثانية أو ما يكمل به في الصورة الأولى زكى بحول الأصل. أما لو انفصل النتاج بعد الحول أو قبله ولم يتم انفصاله إلا بعده كجنين خرج بعضه في الحول ولم يتم انفصاله إلا بعد تمام الحول لم يكن حول النصاب حوله لانقضاء حول أصله، لأن الحول الثاني أولى به. واحترز بقوله نتج عن المستفاد بشراء أو غيره كما سيأتي، وبقوله من نصاب عما نتج من دونه كعشرين شاة نتجت عشرين وفحولها من حين تمام النصاب. وبقولنا بشرط أن يكون مملوكا إلخ عما لو أوصى بالحمل لشخص لم يضم النتاج لحول الوارث، وكذا لو أوصى الموصي له بالحمل به قبل انفصاله لمالك الأمهات ثم مات ثم حصل النتاج لم يزك بحول الأصل كما نقله في الكفاية عن المتولي وأقره. ولو كان النتاج من غير نوع الأمهات بأن حملت الضأن بمعز أو بالعكس فعلى الخلاف في تكميل أحد النوعين بالآخر. فإن قيل: شرط وجوب الزكاة السوم في كلا مباح فكيف وجبت الزكاة في النتاج؟ أجيب بأن اشتراطه خاص بغير النتاج التابع لامه في الحول ولو سلم عمومه له، فاللبن كالكلأ لأنه ناشئ منه، على أنه لا يشترط في الكلأ أن يكون مباحا على ما يأتي بيانه، ولان اللبن الذي تشربه السخلة لا يعده مؤنة في العرف لأنه يأتي من عند الله تعالى ويستخلف إذا حلب فهو شبيه بالماء، ولان اللبن وإن عد شربه مؤنة إلا أنه قد تعلق به حق الله تعالى فإنه يجب صرفه في سقي السخلة، ولا يجوز للمالك أن يحلب إلا ما فضل عن ولدها. وإذا تعلق به حق الله تعالى كان مقدما على حق المالك، بدليل أنه يحرم على مالك الماء أن يتصرف فيه بالبيع وغيره بعد دخول وقت الصلاة إذا لم يكن معه غيره، ولو باعه أو وهبه بعد دخول الوقت لم