أخر، فجملة ذلك عشرة أقوال ذكرتها في شرح التنبيه. والأول عزاه الشيخان إلى الأكثرين وصححاه، وهو المعتمد، وإن قال في المهمات إنه نقل باطل يطول القول بتفصيله. والحاصل أني لم أر من صححه فضلا عن عزوه إلى الأكثرين، بل رجح كثيرون اعتبار وقوع الزرعين في عام منهم البندنيجي وابن الصباغ، وذكر نحوه ابن النقيب. قال شيخنا في شرح منهجه: ويجاب بأن ذلك لا يقدح في نقل الشيخين لأن من حفظ حجة على من لم يحفظ اه. وهل المراد بالحصاد أن يكون بالفعل أو بالقوة؟ قال الكمال بن أبي شريف: تعليلهم يرشد إلى الثاني، ولو وقع الزرعان معا أو على التواصل المعتاد ثم أدرك أحدهما والآخر يقل لم يشتد حبه فالأصح القطع فيه بالضم، وقيل على الخلاف. ولو اختلف المالك والساعي في أنه زرع عام أو عامين صدق المالك في قوله عامين، فإن اتهمه الساعي حلفه ندبا لأن ما ادعاه ليس مخالفا للظاهر. والمستخلف من أصل كذرة سنبلت مرة ثانية في عام يضم إلى الأصل كما علم مما مر، بخلاف نظيره من الكرم والنخل كما سلف لأنهما يردان للتأييد فجعل كل حمل كثمرة عام بخلاف الذرة ونحوها فألحق الخارج منها ثانيا بالأول كزرع تعجل إدراك بعضه.
(وواجب ما شرب بالمطر) أو بما انصب إليه من جبل أو نهر أو عين، (أو عروقه بقربه من الماء) وهو البعل، (من ثمر وزرع العشر، و) واجب (ما سقي) منهما (بنضح) من نحو نهر بحيوان، ويسمى الذكر ناضحا، والأنثى ناضحة ، ويسمى هذا الحيوان أيضا سانية بسين مهملة ونون مثناة من تحت. (أو دولاب) بضم أوله وفتحه، وهو ما يديره الحيوان، أو دانية وهي البكرة، أو ناعورة وهي ما يديره الماء بنفسه، (أو بما اشتراه) أو وهب له لعظم المنة فيه أو غصبه لوجوب ضمانه، (نصفه) أي العشر، وذلك لقوله (ص): فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريا العشر وفيما سقي بالنضح نصف العشر رواه البخاري من حديث ابن عمر. وفي مسلم من حديث جابر: فيما سقت الأنهار والغيم العشر وفيما سقي بالسانية نصف العشر.
وفي رواية لأبي داود: إن في البعل العشر. وانعقد الاجماع على ذلك كما قاله البيهقي وغيره. والمعنى فيه كثرة المؤنة وخفتها كما في المعلوفة والسائمة. قال أهل اللغة: والبعل ما يشرب بعروقه والعثري بفتح المهملة والمثلثة: ما سقي بماء السيل الجاري إليه في حفرة، وتسمى الحفرة عاثوراء لتعثر المار بها إذا لم يعلمها.
تنبيه: الأولى في قراءة ما في قول المصنف بما اشتراه مقصورة على أنها موصولة لا ممدودة اسما للماء المعروف، فإنها على التقدير الأول تعم الثلج والبرد بخلاف الممدودة، وقول الأسنوي: وتعم على الأول الماء النجس ممنوع إذ لا يصح شراؤه. (والقنوات) والسواقي المحفورة من النهر العظيم، (كالمطر على الصحيح) ففي المسقي بما يجري فيها منه العشر، لأن مؤنة القنوات إنما تخرج لعمارة القرية، والأنهار إنما تحفر لاحياء الأرض، فإذا تهيأت وصل الماء إلى الزرع بطبعه مرة بعد أخرى بخلاف السقي بالنواضح ونحوها فإن المؤنة للزرع نفسه. والثاني: يجب فيها نصف العشر لكثرة المؤنة فيها، والأول يمنع ذلك. (و) واجب (ما سقي بهما) أي بالنوعين كالنضح والمطر، (سواء ثلاثة أرباعه) أي العشر، عملا بواجب النوعين. (فإن غلب أحدهما ففي قول يعتبر هو) فإن غلب المطر فالعشر أو النضح فنصفه ترجيحا لجانب الغلبة. (والأظهر يقسط) لأنه القياس كما قاله في الام، فإن كان ثلثاه بماء السماء وثلثه بالدولاب وجب خمسة أسداس العشر ثلثا العشر للثلثين وثلث نصف العشر للثلث، وفي عكسه ثلثا العشر. والغلبة والتقسيط (باعتبار عيش الزرع) أو الثمر (ونمائه، وقيل بعدد السقيات) أي النافعة بقول أهل الخبرة. ويعبر عن الأول وهو اعتبار عيش الزرع باعتبار المدة، فلو كانت المدة من يوم الزرع إلى يوم الادراك ثمانية أشهر واحتاج في ستة أشهر زمن الشتاء والربيع إلى سقيتين فسقي بماء السماء، وفي شهرين من زمن الصيف إلى ثلاث سقيات فسقي بالنضح، فإن اعتبرنا عدد السقيات فعلى قول التوزيع يجب خمسا العشر وثلاثة أخماس نصف العشر، وعلى قول اعتبار الأغلب يحب نصف العشر، لأن عدد السقيات