بعض كل منهما كثلاث حقاق وأربع بنات لبون أن يجعل الحقاق أصلا فيدفعها مع بنت لبون وجبران، أو يجعل بنات اللبون أصلا فيدفعها مع حقة ويأخذ جبرانا. وله دفع حقة مع ثلاث بنات لبون وثلاث جبرانات، لإقامة الشرع بنت اللبون مع الجبران مقام حقة، وله فيما إذا وجد بعض أحدهما كحقة دفعها مع ثلاث جذاع وأخذ ثلاث جبرانات. وله دفع خمس بنات مخاض مع دفع خمس جبرانات. (وإن وجدهما) في ماله بصفة الاجزاء، (فالصحيح) المنصوص، وقول الجمهور (تعين الأغبط) لقوله تعالى: * (ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون) * ولان كل واحد فرضه لو انفرد، ومبني الزكاة على النظر للمستحقين. والمراد بالأغبط الأنفع للمستحقين بزيادة قيمة أو غيرها، وظاهر إطلاقه كأصله، وغيره تعين الأغبط وإن كان من الكرام، وهو كذلك وإن قال الأذرعي: القياس جعلها كالمعدومة حتى يخرج من غير الأغبط، والثاني خرجه ابن سريج إن كان يخرج عن محجور عليه فيعتبر غير الأغبط، وإن أخرج عن نفسه تخير بينهما كما لو لم يكونا عنده.
(ولا يجزئ) على الأول (غيره) أي الأغبط، (إن دلس) الدافع في إعطائه بأن أخفى الأغبط، (أو قصر الساعي) في أخذه بأن علم الحال أو أخذ من غير اجتهاد ونظر أن الأغبط ماذا، فيلزم الدافع إخراج الأغبط وعلى الساعي رد ما أخذه إن كان باقيا وقيمته إن كان تالفا. (وإلا) أي وإن لم يدلس الدافع ولم يقصر الساعي، (فيجزئ) عن الزكاة، أي فيحسب عنها للمشقة الحاصلة في الرد، وليس المراد أنه يكفي كما قال: (والأصح) مع إجزائه (وجوب قدر التفاوت) بينه وبين قيمة الأغبط، لأنه لم يدفع الفرض بكماله فوجب جبر نقصه، هذا إن اقتضت الغبطة زيادة في القيمة وإلا فلا يجب معه شئ كما قال الرافعي، والثاني: لا يجب بل يسن المخرج محسوب من الزكاة فلا يجب معه شئ آخر، كما إذا أدى اجتهاد الساعي إلى أخذ القيمة بأن كان حنفيا فإنه لا يجب شئ آخر. (ويجوز إخراجه دراهم) من نقد البلد أو دنانير منه، فإذا كانت قيمة الحقاق أربعمائة وقيمة بنات اللبون أربعمائة وخمسين وأخذ الحقاق، فالتفاوت خمسون، فإما أن يدفع الخمسين أو خمسة اتساع بنت لبون، لأن التفاوت خمسون وقيمة كل بنت لبون تسعون.
وإنما جاز له دفع النقد مع كونه من غير جنس الواجب مع تمكنه من شراء جزئه لدفع ضرر المشاركة، لأنه قد يعدل إلى غير الجنس للضرورة. (وقيل يتعين تحصيل شقص به) أي بقدر التفاوت، لأن العدول في الزكاة إلى غير جنس الواجب ممتنع عندنا. وعلى هذا يجب أن يشتري به من جنس الأغبط، لأنه الأصل، وقيل: من جنس المخرج، لئلا يتبعض الواجب على المذهب.
فرع: لو بلغت إبله أربعمائة فأخرج أربع حقاق وخمس بنات لبون جاز، لأن المحذور في المائتين إنما هو التشقيص، فلو أخرج في صورة المائتين ثلاث بنات لبون وحقتين أو أربع بنات لبون وحقة، أجزأ. (ومن لزمه) سن من الإبل ولم يكن عنده فله الصعود إلى الاعلى بدرجة ويأخذ جبرانا، وله الهبوط ويعطيه، والجبران الواحد كما سيأتي شاتان بالصفة المتقدمة أو عشرون درهما نقرة خالصة، وهي الدراهم الشرعية حيث وردت كما نقله الشيخان وأقراه.
وعلى هذا فمن لزمه (بنت مخاض فعدمها) في ماله حقيقة أو حكما (وعنده بنت لبون دفعها وأخذ شاتين أو عشرين درهما، أو) لزمه (بنت لبون فعدمها) في ماله (دفع بنت مخاض مع شاتين أو عشرين درهما، أو) دفع (حقة وأخذ شاتين أو عشرين درهما) كما رواه البخاري عن أنس في كتاب أبي بكر رضي الله تعالى عنهما، وهكذا كل من وجب عليه سن وليس عنده ولا ما نزله الشارع منزلته فله الصعود إلى أعلى منه وأخذ الجبران وله النزول إلى أسفل منه ودفع الجبران بشرط كون السن المنزول إليه سن زكاة، فليس لمن وجب عليه بنت مخاض أن يعدل إلى دونها عند فقدها