على الغائب جائزة وتعيينهم غير شرط. (ويجب تقديمها) أي الصلاة (على الدفن) وتأخيرها عن الغسل أو التيمم عند العجز عن استعمال الماء، فإن دفن من غير صلاة أثم كل من توجه عليه فرض الصلاة إلا أن يكون عذر. ويصلى عليه وهو في القبر ولا ينبش لذلك كما يؤخذ من قوله: (وتصح بعده) أي الدفن للاتباع لخبر الصحيحين، بشرط أن لا يتقدم على القبر كما سيأتي في زيادة المصنف، ويسقط الفرض بالصلاة على القبر على الصحيح. وإلى متى يصلى عليه؟
فيه أوجه، أحدها: أبدا، فعلى هذا تجوز الصلاة على قبور الصحابة فمن بعدهم إلى اليوم، قال في المجموع: وقد اتفق الأصحاب على تضعيف هذا الوجه. ثانيها: إلى ثلاثة أيام دون ما بعدها، وبه قال أبو حنيفة. ثالثها: إلى شهر، وبه قال أحمد. رابعها: ما بقي منه شئ في القبر فإن انمحقت أجزاؤه لم يصل عليه، وإن شك في الانمحاق فالأصل البقاء.
خامسها: يختص بمن كان من أهل الصلاة عليه يوم موته، وصححه في الشرح الصغير، فيدخل المميز على هذا دون غير المميز. (والأصح تخصيص الصحة) أي صحة الصلاة على القبر (بمن كان من أهل فرضها وقت الموت) دون غيره لأنه يؤدي فرضا خوطب به، وأما غيره فمتطوع. وهذه الصلاة لا يتطوع بها، قال في المجموع: معناه أنه لا يجوز الابتداء بصورتها من غير جنازة بخلاف صلاة الظهر يأتي بصورتها ابتداء بلا سبب. ثم قال: لكن ما قالوه ينتقض بصلاة النساء مع الرجال فإنها لهن نافلة وهي صحيحة. وقال الزركشي: معناه أنها لا تفعل مرة بعد أخرى، أي من صلاها لا يعيدها، أي لا يطلب منه ذلك. ولكن سيأتي أنه لو أعادها وقعت له نافلة، وكأن هذا مستثنى من قولهم: إن الصلاة إذا لم تكن مطلوبة لا تنعقد. أما لو صلى عليها من لم يصل أولا فإنها تقع له فرضا. وما صححه المصنف من اعتبار أهلية الفرض، قال في العزيز: إنه الأظهر، ونقله في المجموع على الجمهور. قال القاضي: وقضية ذلك منع الكافر والحائض يومئذ. وصرح به المتولي، وهو ظاهر كلام الأصحاب. ورأي الامام إلحاقهما بالمحدث وتبعه في الوسيط، وهذا هو الظاهر. قال الأسنوي:
واعتبار الموت يقتضي أنه لو بلغ أو أفاق بعد الموت وقبل الغسل لم يعتبر ذلك، والصواب خلافه، لأنه لو لم يكن ثم غيره لزمته الصلاة اتفاقا، وكذا لو كان ثم غيره فترك الجميع فإنهم يأثمون، بل لو زال المانع بعد الغسل أو بعد الصلاة عليه وأدرك زمنا تمكن فيه الصلاة كان كذلك اه. وهذا كلام متين، فينبغي الضبط بمن كان من أهل فرضها وقت الدفن لئلا يرد ما قبل. (ولا يصلى على قبر رسول الله (ص) بحال) واستدل له الرافعي ومن تبعه بقوله (ص): أنا أكرم على ربي أن يتركني في قبري بعد ثلاث قال الدميري: وهذا الحديث باطل لا أصل له، لكن روى البيهقي عن أنس رضي الله تعالى عنه أن النبي (ص) قال: الأنبياء لا يتركون في قبورهم بعد أربعين ليلة لكنهم يصلون بين يدي الله تعالى حتى ينفخ في الصور اه. وكذا لا يصلى على قبر غيره من الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين لخبر الصحيحين: لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد وفي الاستدلال بهذا نظر، ولأنا لم نكن من أهل الفرض وقت موتهم. وقيل: يجوز فرادى لا جماعة.
فرع: في بيان الأولى بالصلاة على الجنازة. قال الشارح: زاد الترجمة به لطول الفصل قبله بما اشتمل عليه، كما نقص ترجمة التعزية بفصل لقصر الفصل قبله اه. وبهذا يندفع ما قيل: إن ترجمة المصنف بالفرع قد تستشكل لأن المذكور فيه، وهو بيان أولوية الولي، ليس فرعا عما قبله عن كيفية الصلاة، لأن المصلي ليس متفرعا على الصلاة.
(الجديد أو الولي) أي القريب الذكر (أولى) أي أحق (بإمامتها) أي الصلاة على الميت (من الوالي) وإن أوصى الميت لغير الولي لأنها حقه، فلا تنفذ وصيته بإسقاطها كالإرث. وما ورد من أن أبا بكر وصى أن يصلي عليه عمر فصلى وأن عمر وصى أن يصلي عليه صهيب فصلى ووقع لجماعة من الصحابة، ذلك محمول على أن أولياءهم أجازوا