أو كان لا يعتقد وجوب بعض الأركان أو الشروط من حنفي أو غيره، (أو تعطل مسجد قريب) أو بعيد (لغيبته) عنه لكونه إمامه أو يحضر الناس بحضوره، فقليل الجمع أفضل من كثيره في ذلك، بل الانفراد كذلك في الأولى كما قاله الروياني ونقله في أصل الروضة عن أبي إسحاق المروزي، لكن في مسألة الحنفي فقط ومثلها البقية بل أولى، لكن قال السبكي: كلامهم يشعر بأن الصلاة مع هؤلاء أفضل من الانفراد. وبه جزم الدميري واعتمده شيخي، ولتكثير الجماعات في المساجد في الثانية في المتن. ويؤخذ من هذا التعليل أنه لا فرق في المسجد بين القريب والبعيد كما زدته ونبه عليه شيخنا. ويستثنى أيضا صور قليل الجمع فيها أولى منها ما لو كان قليل الجمع يبادر إمامه بالصلاة في أول الوقت المحبوب فإن الصلاة معه أول الوقت أولى كما قاله في المجموع. ومنها ما لو كان الإمام سريع القراءة والمأموم بطيئها لا يدرك معه الفاتحة، قال الغزالي: فالأولى أن يصلي خلف إمام بطئ القراءة. ومنها ما لو كان قليل الجمع ليس في أرضه شبهة وكثير الجمع بخلافه لاستيلاء ظالم عليه فالسالم من ذلك أولى، فإن استوى المسجدان في الجماعة فالأقرب مسافة لحرمة الجوار ثم انتفت فيه الشبهة من مال بانيه وواقفه ثم يتخير. نعم إن سمع النداء مترتبا فينبغي كما قال الأذرعي أن يكون ذهابه إلى الأول أفضل لأن مؤذنه دعاه أولا. (وإدراك تكبيرة الاحرام) مع الإمام (فضيلة) لحديث رواه الترمذي عن أنس أن النبي (ص) قال: من صلى لله أربعين يوما في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتب له براءتان: براءة من النار، وبراءة من النفاق وهذا الحديث منقطع لكنه من الفضائل فيتسامح فيه، وروي: لكل شئ صفوة، وصفوة الصلاة التكبيرة الأولى، فحافظوا عليها رواه البزار من حديث أبي هريرة وأبي الدرداء مرفوعا. (وإنما تحصل بالاشتغال بالتحرم عقب تحرم إمامه) مع حضوره تكبيرة إحرامه، لحديث الشيخين: إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا والفاء للتعقيب فإبطاؤه بالمتابعة لوسوسة غير ظاهرة كما في المجموع عذر بلا خلاف ما لو أبطأ لغير وسوسة ولو لمصلحة الصلاة كالطهارة أو لم يحضر تكبيرة إحرام إمامه، أو لوسوسة ظاهرة، وهذا موافق لقولهم إن الوسوسة في القراءة غير عذر في التخلف بتمام ركنين فعليين لطول زمنها. (وقيل) تحصل (بإدراك بعض القيام) لأنه محل التكبيرة الأولى. (وقيل بأول ركوع) لأن حكمه حكم قيامهما بدليل إدراك الركعة بإدراكه مع الإمام، وهذان الوجهان فيمن لم يحضر إحرام الإمام، فأما من حضره وأخر فقد فاتته فضيلة التكبيرة وإن أدرك الركعة، حكاه في زيادة الروضة عن البسيط وأقره.
ولو خاف فوت التكبيرة لو لم يسرع لم يندب له الاسراع، بل يمشي بسكينة كما لو لم يخف فوتها لخبر الصحيحين: إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون وأتوها تمشون وعليكم السكينة والوقار، فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا نعم لو ضاق الوقت وخشي فواته فليسرع كما لو خشي فوت الجمعة، وكذا لو امتد الوقت وكانت لا تقوم إلا به ولو لم يسرع لتعطلت. قاله الأذرعي: أما لو خاف فوات الجماعة فالمنقول كما في المجموع وغيره أنه لا يسرع، وإن كانت قضية كلام الرافعي وغيره أنه يسرع. (والأصح إدراك) فضيلة (الجماعة ما لم يسلم) الإمام وإن لم يقعد معه بأن انتهى سلامه عقب تحرمه، وإن بدأ بالسلام قبله كما صرح به بعض المتأخرين لادراكه ركنا معه، لكنه دون فضل من يدركها من أولها ولأنه لم يدرك فضلها بذلك لمنع من الاقتداء لأنه يكون حينئذ زيادة بلا فائدة، ولا يخفى أن محل ذلك كما قال الزركشي في غير الجمعة فإنها لا تدرك إلا بركعة كما سيأتي. أما إذا سلم مع تحرمه بأن انتهى تحرم المأموم مع انتهاء سلام الإمام فلا تحصل له الجماعة بل تنعقد صلاته فرادى كما يؤخذ من كلام الأسنوي.
فرع: دخل جماعة المسجد والإمام في التشهد الأخير فعند القاضي حسين يستحب لهم الاقتداء به ولا يؤخرون الصلاة جماعة ثانية، وجزم المتولي بخلافه، وكلام القاضي في موضع آخر يوافقه هو المعتمد، بل الأفضل للشخص إذا سبق ببعض الصلاة في الجماعة، ورجا جماعة أخرى يدرك معها الصلاة جميعها في الوقت التأخير ليدركها بتمامها معها، وهذا