من الادراك ولطخ العورة بنحو حبر كحناء. أجيب بأن مراده ما قدرته، إذ الكلام في الساتر وما ذكر لا يسمى ساترا بل غير الظلمة يسمى مغيرا. (ولو) هو (طين) أو حشيش أو ورق (وماء كدر) أو نحو ذلك كماء صاف متراكم بخضرة لمنع ما ذكر الادراك. وصورة الصلاة في الماء أن يصلي على جنازة أو يمكنه السجود فيه. قال في المجموع عن الدارمي:
ولو قدر على أن يصلي فيه ويسجد على الشط لم يلزمه، أي لما فيه من الحرج. (والأصح وجوب التطين على فاقد الثوب) ونحوه ولو لمن هو خارج الصلاة خلافا لبعض المتأخرين لقدرته على الستر، والثاني: لا للمشقة والتلويث. (ويجب ستر أعلاه) أي الساتر، (وجوانبه) للعورة (لا أسفله) لها، ولو كان المصلي امرأة، فستر مصدر مضاف إلى فاعله لتذكير الضمير في قوله أعلاه وجوانبه وأسفله، ولو كان مضافا إلى مفعوله لأنثها فقال: ويجب ستر أعلاها إلخ. (فلو رؤيت عورته) أي المصلي ذكرا كان أو أنثى أو خنثى، سواء أكان الرائي لها هو كما في فتاوى المصنف الغير المشهورة أم غيره، (من جيبه) أي طوق قميصه لسعته، (في ركوع أو غيره لم يكف) الستر بهذا القميص (فليزره) بإسكان اللام وكسرها وضم الراء على الأحسن، ويجوز فتحها وكسرها. (أو يشد) بفتح الدال في الأحسن، ويجوز الضم والكسر، (وسطه) بفتح السين على الأصح ويجوز إسكانها، حتى لا ترى عورته منه، ولو ستر بلحيته أو بشعر رأسه كفى لحصول المقصود بذلك، فإن لم يفعل شيئا من ذلك انعقدت صلاته ثم تبطل عند وجود المفسد، وفائدته في الاقتداء به وفيما إذا ألقي عليه شئ بعد إحرامه، وقيل: لا تنعقد بالكلية. والجيب هو المنفذ الذي يدخل فيه الرأس كما مرت الإشارة إليه. ولو رؤيت عورته من ذيله كأن كان في علو والرائي في سفل لم يضر ذلك. ومعنى رؤيت عورته كانت بحيث ترى، وليس المراد رؤيت الفعل، ولو وقف مثلا في خابية أو حفرة ضيقي الرأس يستران الواقف فيهما جاز لحصول المقصود بذلك، وشرط الساتر أن يشمل المستور لبسا ونحوه فلا تكفي الخيمة الضيقة ونحوها. (وله ستر بعضها) أي عورته من غير السوأة أو منها بلا مس ناقض، (بيده في الأصح) لحصول المقصود، والثاني:
لا لأن بعضه لا يعد ساترا له. أما بيد غيره فيكفي قطعا وإن فعل محرما كما قاله في الكفاية كما لو ستر بقطعة حرير، وكذا لو جمع الثوب المخرق وأمسكه بيده. وإذا وجد المصلي سترة نجسة ولا ماء يغسلها به، أو وجد الماء ولم يجد من يغسلها وهو عاجز عن غسلها، أو وجده ولم يرض إلا بأجرة ولم يجدها، أو وجدها ولم يرض إلا بأكثر من أجرة المثل، أو حبس على نجاسة واحتاج إلى فرش السترة عليها صلى عاريا وأتم الأركان كما مر، ولو أدى غسل السترة إلى خروج الوقت غسلها وصلى خارجه ولا يصلي في الوقت عاريا كما نقل القاضي أبو الطيب الاتفاق عليه. ولو وجد المصلي بعض السترة لزمه أن يستتر به بلا خلاف. فإن قيل: من وجد ماء لا يكفيه لطهارته جرى فيه خلاف والأصح وجوب استعماله. أجيب بأن المقصود من الطهارة رفع الحدث وهو لا يتجزأ، والمقصود ههنا الستر وهو يتجزأ. (فإن وجد كافي سوأتيه) أي قبله ودبره، (تعين لهما) للاتفاق على أنهما عورة ولأنهما أفحش من غيرهما، وسميا سوأتين لأن كشفهما يسوء صاحبهما، قال تعالى: * (فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما) * أي ظهرت لهما، وكان لا يريانها من أنفسهما أو لا يرى أحدهما من الآخر كما قالت عائشة رضي الله تعالى عنها: ما رأيت منه (ص) ولا رأى مني. (أو) كان (أحدهما فقبله) يستره وجوبا سواء أكان ذكرا أم غيره، لأنه بارز إلى القبلة والدبر مستور غالبا بالأليين، وبدل القبلة كالقبلة كما لو صلى صوب مقصده. ويستر الخنثى قبلية، فإن كفى لأحدهما تخير، والأولى كما قال الأسنوي: ستر آلة الرجل إن كان هناك امرأة وآلة النساء إن كان هناك رجل. (وقيل) يستر (دبره) وجوبا لأنه أفحش في الركوع والسجود. (وقيل يتخير) بينهما لتعارض المعنيين، وسواء في ذلك الرجل وغيره. وقيل: تستر المرأة القبل والرجل الدبر، ومنهم من حكى بدل الوجوب الاستحباب.
والقبل والدبر بضم أولهما وثانيهما، ويجوز في ثانيهما الاسكان.