وفي لفظ: فاجتهدوا في الدعاء. وروى الحاكم عن علي أن النبي (ص) قال: الدعاء سلاح المؤمن وعماد الدين ونور السماوات والأرض وفيه عن ثوبان عن النبي (ص) أنه قال: لا يرد القدر إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر وإن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه، وفيه عن عائشة رضي الله تعالى عنها: إن البلاء لينزل فيتلقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة. وروى ابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه مرفوعا: من لم يسأل الله يغضب عليه. ويبالغ المنفرد في الدعاء، ومأثور الدعاء أفضل، ومنه: اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله أوله وآخره سره وعلانيته رواه مسلم. (و) يسن (أن يعتمد في قيامه من السجود والقعود على يديه) لأنه أشبه بالتواضع وأعون للمصلي، ولثبوته في الصحيح عن فعله (ص). وكيفية الاعتماد أن يجعل بطن راحته وبطون أصابعه على الأرض، وسواء فيه القوي والضعيف. وأما الحديث الذي في الوسيط عن ابن عباس: أن النبي (ص) كان إذا قام من الصلاة وضع يده بالأرض كما يضع العاجن فليس بصحيح وإن صح حمله على ذلك، ويكون المراد بالعاجن الشيخ الكبير لا عاجن العجين كما قيل:
فأصبحت كنيأ وأصبحت عاجنا * وشر خصال المرء كنت وعاجن و) يسن (تطويل قراءة) الركعة (الأولى على الثانية في الأصح) للاتباع في الظهر والعصر، رواه الشيخان، وفي الصبح، رواه مسلم، ويقاس غير ذلك عليه. وكذا يطول الثالثة على الرابعة إذا قرأ السورة فيهما كالأولى مع الثانية، والثاني: أنهما سواء، ورجحه الرافعي ونقله في زيادة الروضة عن الجمهور ونص عليه في الام. وحملوا الحديث على أنه (ص) أحس بداخل. ومحل الخلاف فيما لا نص فيه ولا مصلحة في خلافه، أما ما فيه نص بتطويل الأولى كصلاة الكسوف والقراءة بالسجدة وهل أتى في صبح الجمعة أو بتطويل الثانية كسبح وهل أتاك في صلاة الجمعة أو العيد فيتبع أو المصلحة في خلافه كصلاة ذات الرقاع للإمام، فيسن له أن يخفف في الأولى ويطيل الثانية حتى تأتي الفرقة الثانية، ويسن للطائفتين التخفيف في الثانية لئلا يطول في الانتظار، ويطيل الثانية في مسألة الزحام ليلحقه منتظر السجود. (و) يسن (الذكر) والدعاء (بعدها) أي الصلاة، ثبت ذلك في الصحيحين بأنواع من الأذكار والأدعية، فمن ذلك حديث ثوبان قال: كان رسول الله (ص) إذا انصرف من صلاته استغفر الله ثلاثا وقال: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والاكرام. قيل للأذرعي وهو أحد رواته: كيف الاستغفار؟ قال يقول: أستغفر الله. ومنها ما روى مسلم عن كعب ابن عجرة أن النبي (ص) قال: معقبات لا يخيب قائلهن دبر كل صلاة مكتوبة: ثلاثا وثلاثين تسبيحة، وثلاثا وثلاثين تحميدة وأربعا وثلاثين تكبيرة، وفي رواية: من سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين وحمد الله ثلاثا وثلاثين وكبر الله ثلاثا وثلاثين (فتلك تسعة وتسعون) ثم قال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير غفرت له خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر. قال المصنف: والأولى الجمع بين الروايتين، فيكبر أربعا وثلاثين ويقول لا إله إلا الله إلخ، وروي: من قال دبر صلاة الفجر وهو ثان رجله قبل أن يتكلم لا إله إلا الله وحده ولا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شئ قدير عشر مرات كتب له عشر حسنات ومحي عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات وكان في يومه ذلك في حرز (من كل مكروه وحرس) من الشيطان رواه الترمذي وقال: حسن صحيح. وعن أبي أمامة أن رسول الله (ص) قال: من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت رواه النسائي وابن حبان في صحيحه. والأحاديث في الباب كثيرة.
ويسن أن يبدأ من هذه الأذكار بالاستغفار، وسئل النبي (ص): أي الدعاء أسمع؟ أي أقرب إلى الإجابة، قال: جوف الليل (الآخر) ودبر الصلوات المكتوبات رواه الترمذي. وقد ورد في ذلك أدعية مشهورة منها ما تقدم ومنها ما روى أبو داود والنسائي بإسناد صحيح أن النبي (ص) أخذ بيد معاذ وقال: يا معاذ والله إني أحبك وأوصيك يا معاذ لا تدعن دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. ويسن الاسرار بالذكر والدعاء إلا أن يكون إماما يريد تعليم المأمومين فيجهر بها فإذا تعلموا أسر. قال في المجموع وغيره: ويستحب للإمام أن يقبل عليهم