في المشهور، وحكي كسرها: جبل صغير آخر مزدلفة اسمه قزح بضم القاف وبالزاي، وسمي مشعرا لما فيه من الشعار وهي معالم الدين. (الحرام) أي المحرم، (وقفوا) عليه ندبا كما صرح به الرافعي والمصنف في المجموع. ووقوفهم عليه أفضل من وقوفهم بغيره من مزدلفة ومن مرورهم بلا وقوف. وذكروا الله تعالى، (ودعوا إلى الاسفار) مستقبلين القبلة للاتباع، رواه مسلم، ولان القبلة أشرف الجهات. ويكثرون من قولهم: اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ومن لم يمكنه إصعاد الجبل فليقف بجنبه، ولو فاتت هذه السنة لم تجبر بدم. ويكون من جملة دعائه كما في التنبيه: اللهم كما أوقفتنا فيه وأريتنا إياه فوفقنا لذكرك كما هديتنا، واغفر لنا وارحمنا كما وعدتنا بقولك وقولك الحق: * (فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام) * إلى قوله: * (واستغفروا الله إن الله غفور رحيم) *. ومن جملة ذكره: الله أكبر ثلاثا، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد. (ثم يسيرون) قبل طلوع الشمس بسكينة ووقار، وشعارهم التلبية والذكر. قال في المجموع: ويكره تأخير السير حتى تطلع الشمس، فإذا وجدوا فرجة أسرعوا، فإذا بلغوا وادي محسر بضم الميم وفتح الحاء المهملة وكسر السين المهملة المشددة وراء: موضع فاصل بين مزدلفة ومنى، سمي به لأن فيل أصحاب الفيل حسر فيه: أي أسرع في مشيه إن كان ماشيا. وحرك دابته من كان راكبا بقدر رمية حجر حتى يقطعوا عرض الوادي للاتباع في الراكب، رواه مسلم، وقياسا عليه في الماشي، ولنزول العذاب فيه على أصحاب الفيل القاصدين هدم البيت، ولان النصارى كانت تقف فيه فأمرنا بمخالفتهم. ويسمى وادي النار أيضا، يقال إن رجلا صاد فيه صيدا فنزلت عليه نار فأحرقته. قال في المجموع: قال الأذرقي: وادي محسر خمسمائة ذراع وخمسة وأربعون ذراعا اه.
ويقول المار به ما روي عن عمر رضي الله تعالى عنه:
إليك تعدو قلقا وضينها معترضا في بطنها جنينها مخالفا دين النصارى دينها رواه البيهقي، ومعناه أن ناقتي تعدو إليك مسرعة في طاعتك قلقا وضينها - والوضين حبل كالحزام - من كثرة السير والاقبال التام والاجتهاد البالغ في طاعتك، والمراد صاحب الناقة. قال في المجموع: قال القاضي حسين في تعليقه: يسن للمار بوادي محسر أن يقول هذا الكلام الذي قاله عمر رضي الله عنه، وبعد قطعهم وادي محسر يسيرون بسكينة، (فيصلون منى بعد طلوع الشمس) وارتفاعها قدر رمح، (فيرمي كل شخص) من راكب وماش (حينئذ) أي حين وصوله، (سبع حصيات إلى جمرة العقبة) للاتباع، رواه مسلم. وهو تحية منى فلا يبتدئ فيها بغيره، وتسمى أيضا الجمرة الكبرى. وليست من منى بل حد منى من الجانب الغربي جهة مكة والسنة لرامي هذه الجمرة أن يستقبلها ويجعل مكة عن يساره ومنى عن يمينه، كما صححه المصنف تبعا لابن الصلاح، وقال: إنه الصحيح الذي فعله النبي (ص)، أي وإن جزم الرافعي بأن يستقبل الجمرة ويستدبر الكعبة. هذا في رمي يوم النحر، أما في أيام التشريق فقد اتفقا على استقبال الكعبة كما في بقية الجمرات، ويحسن كما قال ابن الملقن إذا وصل إلى منى أن يقول ما روي عن بعض السلف: اللهم هذه منى قد أتيتها وأنا عبدك وابن عبدك أسألك أن تمن علي بما مننت به على أوليائك، اللهم إني أعوذ بك من الحرمان والمصيبة في ديني يا أرحم الراحمين. قال: وروي عن ابن مسعود وابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنهما لما رميا جمرة العقبة قالا: اللهم اجعله حجا مبرورا وذنبا مغفورا. (ويقطع التلبية عند ابتداء الرمي) لأنه (ص) لم يزل ملبيا حتى رماها، رواه الشيخان من حديث الفضل بن عباس. هذا إذا جعله أول أسباب التحلل كما هو الأفضل، أما إذا قدم الطواف أو الحلق عليه قطع التلبية من وقته لاخذه في أسباب التحلل والتلبية شعار الاحرام، وأما المعتمر فيقطع التلبية إذا افتتح الطواف لأنه من أسباب تحللها. (ويكبر مع كل حصاة) بدل التلبية للاتباع، رواه مسلم، فيقول: الله أكبر ثلاثا لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد كما نقل عن الشافعي رحمه الله تعالى. ويسن أن يرمي بيده اليمنى رافعا لها حتى يرى بياض إبطه، أما المرأة ومثلها الخنثى فلا ترفع. ولا يقف الرامي للدعاء عند هذه الجمرة. وشروط الرمي ومستحباته أخرها المصنف