مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٤٩٦
الفجر لأن السفر يومها بعد الفجر وقبل الزوال حرام، فمحله فيمن تلزمه الجمعة ولم يمكنه إقامتها بمنى، فإن حدث فيها قرية واستوطنها أربعون كاملون صلوا فيها الجمعة لتمكنهم من إقامتها وإن حرم البناء ثم، ويجوز خروجهم بعد الفجر.
ولم يصل النبي (ص) الجمعة بعرفة، مع أنه قد ثبت في الصحيحين أن يوم عرفة الذي وقف فيه النبي (ص) كان يوم جمعة. (ويبيتون) ندبا (بها) فليس بركن ولا واجب بإجماع. ومن البدع القبيحة ما اعتاده بعض الناس في هذه الليلة من إيقاد الشموع وغيرها، وهو مشتمل على منكرات. قال أبو الحسن الزعفراني: يسن المشي من مكة إلى المناسك كلها إلى انقضاء الحج لمن قدر عليه، وأن يقصد مسجد الخيف فيصلي فيه ركعتين، ويكثر التلبية قبلهما وبعدهما ويصلي مكتوبات يومه وصبح غده في مسجدها. (فإذا طلعت الشمس) على ثبير بفتح المثلثة: جبل كبير بمزدلفة على يمين الذاهب من منى إلى عرفات. (قصدوا عرفات) مارين على طريق ضب، وهو الجبل المطل على منى، ويعودون على طريق المأزمين، وهو بين الجبلين، اقتداء به (ص) في ذلك، ويسن أن يقول السائر: اللهم إليك توجهت، وإلى وجهك الكريم أردت، فاجعل ذنبي مغفورا وحجي مبرورا، وارحمني ولا تخيبني، إنك على كل شئ قدير، وأن يعود في طريق غير الذي ذهب فيه. (قلت) كما قال الرافعي في الشرح: (ولا يدخلونها بل يقيمون بنمرة) بفتح النون وكسر الميم، ويجوز إسكانها مع فتح النون وكسرها: موضع (بقرب عرفات، حتى تزول الشمس، والله أعلم) للاتباع رواه مسلم. ويسن أن يغتسل بنمرة للوقوف، فإذا زالت الشمس ذهبوا إلى مسجد إبراهيم (ص)، وقيل إنه أحد أمراء بني العباس، وهو الذي ينسب إليه باب إبراهيم بمكة، وصدره من عرنة بضم العين وآخره من عرفة، وتميز بينهما صخرات كبار فرشت هناك. قال البغوي: وصدره محل الخطبة والصلاة. (ثم يخطب الامام) أو منصوبه (بعد الزوال) قبل صلاة الظهر، (خطبتين) خفيفتين، يعلمهم في الأولى المناسك ويحثهم على إكثار الذكر والدعاء بالموقف، ويجلس بعد فراغها بقدر سورة الاخلاص، وحين يقوم إلى الخطبة الثانية، وهي أخف من الأولى، يؤذن للظهر فيفرغ الخطبة الثانية مع فراغ المؤذن من الاذان. فإن قيل: الاذان يمنع سماع الخطبة أو أكثرها فيفوت مقصودها. أجيب بأن المقصود بالخطبة من التعليم إنما هو في الأولى، وأما الثانية فهي ذكر ودعاء، فشرعت مع الاذان قصدا للمبادرة بالصلاة. (ثم) بعد الفراغ من الخطبتين، (يصلي الناس الظهر والعصر جمعا) تقديما للاتباع في ذلك، رواه مسلم. ويقصرهما أيضا، والقصر والجمع هنا وفيما يأتي بالمزدلفة للسفر لا للنسك، فيختصان بسفر القصر كما مر في باب الجمع بين الصلاتين، خلافا لما جرى عليه المصنف في مناسكه الكبرى من أن ذلك للنسك، فيأمر الامام المكيين ومن لم يبلغ سفره مسافة القصر بالاتمام وعدم الجمع، كأن يقول لهم بعد السلام: يا أهل مكة ومن سفره قصير أتموا فإنا قوم سفر. قال في المجموع نقلا عن الشافعي والأصحاب: إن الحجاج إذا دخلوا مكة ونووا أن يقيموا بها أربعا لزمهم الاتمام، فإذا خرجوا يوم التروية إلى منى ونووا الذهاب إلى أوطانهم عند فراغ مناسكهم كان لهم القصر من حين خرجوا، لأنهم أنشأوا سفرا تقصر فيه الصلاة. ثم بعد فراغهم من الصلاة يذهبون إلى الموقف ويعجلون السير إليه، وأفضله للذكر موقفه (ص)، وهو عند الصخرات الكبار المفترشة في أسفل جبل الرحمة، وهو الجبل الذي بوسط أرض عرفة، ويقال له إلال بكسر الهمزة بوزن هلال، وذكر الجوهري أنه بفتح الهمزة، والمشهور كما في المجموع الأول، فإن تعذر الوصول إليها لزحمة قرب منها بحسب الامكان، وبين موقف النبي (ص) ومسجد إبراهيم نحو ميل.
أما الأنثى فيندب لها الجلوس في حاشية الموقف، ومثلها الخنثى. (و) يسن أن (يقفوا) أي الامام أو منصوبه والناس (بعرفة إلى الغروب) للاتباع، رواه مسلم. والأفضل أن يقفوا بعد الغروب حتى نزول الصفرة قليلا. فإن قيل: قول
(٤٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 491 492 493 494 495 496 497 498 499 500 501 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532