أي شعور رؤوسكم لأن الرأس لا يحلق. والشعر جمع وأقله ثلاث، كذا استدلوا به، ومنهم المصنف في المجموع. قال الأسنوي:
ولا دلالة له في ذلك لأن الجمع إذا كان مضافا كان للعموم، وفعله (ص) يدل عليه أيضا. نعم الطريق إلى توجيه المذهب أن يقدر لفظ الشعر منكرا مقطوعا عن الإضافة، والتقدير: شعرا من رؤوسكم، أو تقول: قام الاجماع كما نقله في المجموع على أنه لا يجب الاستيعاب فاكتفينا في الوجوب بمسمى الجمع اه. ولو لم يكن هناك إلا شعرة وجب إزالتها كما في البيان. وقضية إطلاق المصنف أنه لا فرق في الشعرات بين أن يأخذها دفعة أو في دفعات وهو المذهب في المجموع، وجزم به في المناسك، لكن حاصل ما في الروضة وأصلها تصحيح منع التفريق بناء على الأصح من عدم تكميل الدم بإزالتها المحرمة، والأول هو المعتمد. ويجاب عن البناء بأنه لا يلزم منه الاتحاد في التصحيح، نعم يزول بالتفريق الفضيلة، ولا يأتي التصحيح في الشعرة الواحدة المأخوذة بدفعات، وإن سوى أصل الروضة بينهما في البناء المذكور، ولا بد أن يكون من شعر الرأس كما أشار إليه بقوله بعد: ومن لا شعر برأسه فلا يقوم مقامه شعر اللحية ولا غيرها من شعر البدن وإن استوى الجميع في وجوب الفدية، ويجوز مما يحاذي الرأس قطعا وكذا من المسترسل النازل عن حد الرأس. ويكفي في الإزالة أخذ الشعر (حلقا أو تقصيرا أو نتفا أو إحراقا أو قصا) أو أخذه بنورة أو نحو ذلك لأن المقصود الإزالة، وكل من هذه الأشياء طريق إليها.
نعم من نذر الحلق، وقلنا بوجوبه وهو الأصح، تعين استيعاب الرأس به، فإن خالف وأزال بغيره أثم وأجزأه. (ومن لا شعر) كائن (برأسه) أو ببعضه كما قاله الأسنوي بأن خلق كذلك أو كان قد حلق واعتمر من ساعته كما مثله العمراني، (يستحب) له (إمرار الموسى عليه) بالاجماع كما قاله ابن المنذر كله أو بعضه تشبيها بالحالقين، وإنما لم يجب الامرار لأن ذلك فرض تعلق بجزء آدمي فسقط بفواته كغسل اليد في الوضوء. وأما خبر: المحرم إذا لم يكن على رأسه شعر يمر الموسى على رأسه فضعيف، ولو صح حمل على الندب. فإن قيل: قياس وجوب مسح الرأس في الوضوء عند فقد شعره الوجوب هنا. أجيب بأن الفرض ثم تعلق بالرأس وهنا بشعره، وبأن من مسح بشرة الرأس يسمى ماسحا، ومن مر بالموسى عليه لا يسمى حالقا.
والظاهر كما قال الأذرعي أن هذا للرجل دون الأنثى لأن الحلق ليس بمشروع لها، ومثلها الخنثى. ويسن أن يأخذ من شاربه أو شعر لحيته شيئا ليكون قد وضع من شعره شيئا لله تعالى. والموسى بألف في آخره وتذكر وتؤنث: آلة من الحديد. (فإذا حلق أو قصر دخل مكة وطاف طواف الركن) للاتباع، رواه مسلم. والسنة أن يرمي بعد ارتفاع الشمس قدر رمح ثم ينحر ثم يحلق ثم يطوف ضحوة. وهذا الطواف له أسماء غير ذلك، وهي: طواف الإفاضة وطواف الزيارة وطواف الفرض، وقد يسمى طواف الصدر بفتح الدال، والأشهر أن طواف الصدر طواف الوداع. ويسمى طواف الركن. فالفرض لتعينه والإفاضة لاتيانهم به عقب الإفاضة من منى والزيارة لأنهم يأتون من منى زائرين البيت ويعودون في الحال، والأفضل أن يطوفوا يوم النحر. ويسن أن يشرب بعده من سقاية العباس من زمزم لأنه صح أنه (ص) جاء بعد الإفاضة وهم يسقون على زمزم فناولوه دلوا فشرب منه. (وسعى) بعده (إن لم يكن سعى) بعد طواف القدوم كما مر، وهذا السعي ركن كما سيأتي. (ثم يعود) من مكة (إلى منى) قبل صلاة الظهر بحيث يصلي الظهر بها للاتباع، رواه مسلم عن ابن عمر، ولا يعارضه ما رواه مسلم أيضا عن جابر: أنه (ص) صلى الظهر يومئذ بمكة، وجمع بينهما في المجموع بأنه صلى بمكة في أول الوقت بعد الزوال ثم رجع إلى منى وصلى ثانيا إماما لأصحابه، كما صلى بهم في بطن نخل مرتين: مرة بطائفة ومرة بأخرى، فروى ابن عمر صلاته بمنى، وجابر صلاته بمكة. وروى أبو داود عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أنه (ص) أخر طواف يوم النحر إلى الليل وهو محمول على أنه أخر طواف نسائه وذهب معهن. (وهذا) الذي يفعل يوم النحر من أعمال الحج أربعة، وهي: (الرمي والذبح والحلق والطواف، يسن ترتيبها كما ذكرنا) ولا يجب، لما روى