أربعا. فإن طاف راكبا أو محمولا حرك الدابة ورمل به الحامل. ويكره ترك الرمل بلا عذر، ولو تركه في شئ من الثلاثة لم يقضه في الأربعة الباقية لأن هيئتها السكون فلا يغير، كما لو ترك الجهر في الركعتين الأوليين فلا يقضي بعدهما لتفويت سنة الاسرار.
تنبيه: كان ينبغي للمصنف أن يزيد على هيئته كما زدته تبعا للمحرر، فإن الاسراع في المشي ليس قسيمه المشي بل التأني فيه. والحكمة في استحباب الرمل مع زوال المعنى الذي شرع السعي لأجله، وهو أنه (ص) لما قدم مكة هو وأصحابه وقد وهنتهم حمى يثرب، فقال المشركون: إنه يقدم عليكم غدا قوم قد وهنتهم الحمى. فلقوا منها شدة فجلسوا مما يلي الحجر، فأمرهم النبي (ص) أن يرملوا ثلاثة أشواط وأن يمشوا أربعا بين الركنين ليرى المشركون جلدهم، فقال المشركون: هؤلاء الذين زعمتم أن الحمى قد وهنتهم هؤلاء أجلد من كذا وكذا، لأن فاعله يستحضر به سبب ذلك، وهو ظهور أمرهم، فيتذكر نعمة الله تعالى على إعزاز الاسلام وأهله. ويكره تركه كما نقل عن النص، والمبالغة في الاسراع فيه، وليدع بما شاء. (ويختص الرمل) ويسمى خببا، (بطواف يعقبه سعي) مشروع بأن يكون بعد طواف قدوم أو ركن. (وفي قول) يختص (بطواف القدوم) لأن ما رمل فيه النبي (ص) كان للقدوم وسعى عقبه، فعلى القولين لا يرمل في طواف الوداع. وكذا من سعى عقب طوافه للقدوم لا يرمل في طواف الإفاضة إن لم يرد السعي عقبه، وكذا إن أراده في الأظهر لأنه غير مطلوب منه. وإن طاف للقدوم ولم يسع عقبه ثم طاف للإفاضة رمل على الأول دون الثاني. والحاج من مكة يرمل في طوافه على الأول دون الثاني. وإذا طاف للقدوم وسعى عقبه ولم يرمل فيه لا يقضيه في طواف الإفاضة. ولو طاف ورمل ولم يسع رمل في طواف الإفاضة لبقاء السعي عليه. (وليقل فيه) أي في رمله: (اللهم اجعله) أي ما أنا فيه من العمل، (حجا مبرورا) وهو الذي لا يخالطه معصية، مأخوذ من البر، وهو الطاعة، وقيل: هو المتقبل. (وذنبا مغفورا) أي اجعل ذنبي ذنبا مغفورا. (وسعيا مشكورا) والسعي هو للعمل والمشكور المتقبل، وقيل: الذي يشكر عليه للاتباع كما قاله الرافعي، هذا إذا كان حجا، فأما المعتمر فيأتي فيه ما تقدم في دعاء المطاف. وسكت الشيخان عما يقوله في الأربعة الأخيرة، ونص الشافعي والأصحاب على أنه يسن أن يقول فيها: رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز الأكرم، اللهم * (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) *. (و) خامسها: (أن يضطبع) الذكر ولو صبيا، (في جميع كل طواف يرمل فيه) وسيأتي بيانه قريبا للاتباع، رواه أبو داود بإسناد صحيح كما في المجموع. (وكذا) يضطبع (في السعي على الصحيح) قياسا على الطواف بجامع قطع مسافة مأمور بتكريرها، وسواء اضطبع في الطواف قبله أم لا. والثاني: لا، لعدم وروده.
وكلامه قد يفهم عدم استحبابه في ركعتي الطواف، وهو الأصح، لكراهة الاضطباع في الصلاة فيزيله عند إرادتها ويعيده عند إرادة السعي. ولا يسن في طواف لا يسن فيه رمل. (وهو جعل وسط ردائه) بفتح السين في الأوضح، (تحت منكبه الأيمن) ويكشفه، (و) جعل (طرفيه على الأيسر) كدأب أهل الشطارة. والاضطباع افتعال مشتق من الضبع بإسكان الباء، وهو العضد. (ولا ترمل المرأة ولا تضطبع) أي لا يطلب منها ذلك، لأن بالرمل تتبين أعطافها، وبالاضطباع ينكشف ما هو عورة منها. والمعنى السابق وهو كونه دأب أهل الشطارة يقتضي تحريمه كما قاله الأسنوي، لأن ذلك يؤدي إلى التشبه بالرجال بل بأهل الشطارة منهم، والتشبه بهم حرام، ومثلها الخنثى. (و) سادسها: (أن يقرب من البيت) لشرفه ولأنه أيسر في الاستلام والتقبيل، والأولى كما قاله بعضهم: أن يجعل بينه وبين البيت ثلاث