مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٤٩٠
أربعا. فإن طاف راكبا أو محمولا حرك الدابة ورمل به الحامل. ويكره ترك الرمل بلا عذر، ولو تركه في شئ من الثلاثة لم يقضه في الأربعة الباقية لأن هيئتها السكون فلا يغير، كما لو ترك الجهر في الركعتين الأوليين فلا يقضي بعدهما لتفويت سنة الاسرار.
تنبيه: كان ينبغي للمصنف أن يزيد على هيئته كما زدته تبعا للمحرر، فإن الاسراع في المشي ليس قسيمه المشي بل التأني فيه. والحكمة في استحباب الرمل مع زوال المعنى الذي شرع السعي لأجله، وهو أنه (ص) لما قدم مكة هو وأصحابه وقد وهنتهم حمى يثرب، فقال المشركون: إنه يقدم عليكم غدا قوم قد وهنتهم الحمى. فلقوا منها شدة فجلسوا مما يلي الحجر، فأمرهم النبي (ص) أن يرملوا ثلاثة أشواط وأن يمشوا أربعا بين الركنين ليرى المشركون جلدهم، فقال المشركون: هؤلاء الذين زعمتم أن الحمى قد وهنتهم هؤلاء أجلد من كذا وكذا، لأن فاعله يستحضر به سبب ذلك، وهو ظهور أمرهم، فيتذكر نعمة الله تعالى على إعزاز الاسلام وأهله. ويكره تركه كما نقل عن النص، والمبالغة في الاسراع فيه، وليدع بما شاء. (ويختص الرمل) ويسمى خببا، (بطواف يعقبه سعي) مشروع بأن يكون بعد طواف قدوم أو ركن. (وفي قول) يختص (بطواف القدوم) لأن ما رمل فيه النبي (ص) كان للقدوم وسعى عقبه، فعلى القولين لا يرمل في طواف الوداع. وكذا من سعى عقب طوافه للقدوم لا يرمل في طواف الإفاضة إن لم يرد السعي عقبه، وكذا إن أراده في الأظهر لأنه غير مطلوب منه. وإن طاف للقدوم ولم يسع عقبه ثم طاف للإفاضة رمل على الأول دون الثاني. والحاج من مكة يرمل في طوافه على الأول دون الثاني. وإذا طاف للقدوم وسعى عقبه ولم يرمل فيه لا يقضيه في طواف الإفاضة. ولو طاف ورمل ولم يسع رمل في طواف الإفاضة لبقاء السعي عليه. (وليقل فيه) أي في رمله: (اللهم اجعله) أي ما أنا فيه من العمل، (حجا مبرورا) وهو الذي لا يخالطه معصية، مأخوذ من البر، وهو الطاعة، وقيل: هو المتقبل. (وذنبا مغفورا) أي اجعل ذنبي ذنبا مغفورا. (وسعيا مشكورا) والسعي هو للعمل والمشكور المتقبل، وقيل: الذي يشكر عليه للاتباع كما قاله الرافعي، هذا إذا كان حجا، فأما المعتمر فيأتي فيه ما تقدم في دعاء المطاف. وسكت الشيخان عما يقوله في الأربعة الأخيرة، ونص الشافعي والأصحاب على أنه يسن أن يقول فيها: رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز الأكرم، اللهم * (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) *. (و) خامسها: (أن يضطبع) الذكر ولو صبيا، (في جميع كل طواف يرمل فيه) وسيأتي بيانه قريبا للاتباع، رواه أبو داود بإسناد صحيح كما في المجموع. (وكذا) يضطبع (في السعي على الصحيح) قياسا على الطواف بجامع قطع مسافة مأمور بتكريرها، وسواء اضطبع في الطواف قبله أم لا. والثاني: لا، لعدم وروده.
وكلامه قد يفهم عدم استحبابه في ركعتي الطواف، وهو الأصح، لكراهة الاضطباع في الصلاة فيزيله عند إرادتها ويعيده عند إرادة السعي. ولا يسن في طواف لا يسن فيه رمل. (وهو جعل وسط ردائه) بفتح السين في الأوضح، (تحت منكبه الأيمن) ويكشفه، (و) جعل (طرفيه على الأيسر) كدأب أهل الشطارة. والاضطباع افتعال مشتق من الضبع بإسكان الباء، وهو العضد. (ولا ترمل المرأة ولا تضطبع) أي لا يطلب منها ذلك، لأن بالرمل تتبين أعطافها، وبالاضطباع ينكشف ما هو عورة منها. والمعنى السابق وهو كونه دأب أهل الشطارة يقتضي تحريمه كما قاله الأسنوي، لأن ذلك يؤدي إلى التشبه بالرجال بل بأهل الشطارة منهم، والتشبه بهم حرام، ومثلها الخنثى. (و) سادسها: (أن يقرب من البيت) لشرفه ولأنه أيسر في الاستلام والتقبيل، والأولى كما قاله بعضهم: أن يجعل بينه وبين البيت ثلاث
(٤٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 485 486 487 488 489 490 491 492 493 494 495 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532