مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٤٩٧
المصنف يقفوا منصوب عطفا على يخطب، فيقتضي استحباب الوقوف كما قدرته في كلامه مع أنه واجب. أجيب بأنه قيد الوقوف لاستمرار إلى الغروب، وهو مستحب على الصحيح. (و) أن (يذكروا الله تعالى ويدعوه) بإكثار، (ويكثروا التهليل) لقوله (ص): خير الدعاء دعاء يوم عرفة وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير وزاد البيهقي: اللهم اجعل في قلبي نورا وفي سمعي نورا وفي بصري نورا، اللهم اشرح لي صدري ويسر لي أمري. ويسن الاكثار من الصلاة على النبي (ص)، ولا يتكلف السجع في الدعاء، ولا بأس بالسجع إذا كان محفوظا أو قاله من غير قصد له. ويسن قراءة القرآن، قال في البحر:
قال أصحابنا: يستحب أن يكثر من قراءة سورة الحشر في عرفة، فقد روي عن علي بن أبي طالب ذلك رضي الله تعالى عنه وفي كتاب الدعوات للمستقري من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما مرفوعا: من قرأ قل هو الله أحد ألف مرة يوم عرفة أعطي ما سأل. ويسن رفع اليدين في الدعاء، وأن يقف مستقبل القبلة متطهرا، والأفضل للرجل أن يقف راكبا على الأظهر. وأما صعود الجبل فلا فضيلة في صعوده كما في المجموع، وإن قال ابن جرير والماوردي والبندنيجي: إنه موقف الأنبياء، ومن أدعيته المختارة: * (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة) * الآية، اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم، اللهم انقلني من ذل المعصية إلى عز الطاعة واكفني بحلالك عن حرامك وأغنني بفضلك عمن سواك ونور قلبي وقبري واهدني وأعذني من الشر كله واجمع لي الخير اللهم، إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى. وليحذر من التقصير في هذا اليوم فإنه أعظم الأيام، والموقف أعظم المجامع يجتمع فيه الأولياء والخواص ويكثر البكاء مع ذلك، فهناك تسكب العبرات وتقال العثرات. وينبغي أن يستغفر للمؤمنين في دعائه لقوله (ص): اللهم اغفر للحاج ولمن استغفر له الحاج رواه الحاكم وقال: صحيح الاسناد. وروى ابن أبي شيبة عن مجاهد قال: قال عمر رضي الله تعالى عنه:
يغفر الله تعالى للحاج ولمن استغفر له الحاج بقية ذي الحجة والمحرم وصفر وعشرا من ربيع الأول. وليحسن الواقف الظن بالله تعالى، فقد نظر الفضيل بن عياش إلى بكاء الناس بعرفة فقال: أرأيتم لو أن هؤلاء صاروا إلى رجل فسألوه دانقا أكان يردهم؟ فقالوا: لا، فقال: والله للمغفرة عند الله أهون من إجابة رجل بدانق. ورأي سالم مولى ابن عمر سائلا يسأل الناس في عرفة فقال: يا عاجز أفي هذا اليوم يسئل غير الله تعالى وقيل: إذا وافق يوم الجمعة يوم عرفة غفر الله تعالى لكل أهل الموقف، أي بلا واسطة، وغير يوم الجمعة بواسطة، أي يهب مسيئهم لمحسنهم ويرفع يديه في دعائه لخبر: ترفع الأيدي في سبع مواطن: عند افتتاح الصلاة، واستقبال البيت، والصفا والمروة، والموقفين والجمرتين.
ولا يجاوز بهما الرأس، ولا يفرط في الجهر بالدعاء أو غيره، والأفضل للواقف أن لا يستظل بل يبرز للشمس إلا لعذر.
فرع: التعريف بغير عرفة، وهو اجتماع الناس بعد العصر يوم عرفة للدعاء للسلف، فيه خلاف، ففي البخاري:
أول من عرف بالبصرة ابن عباس، ومعناه: إذا صلى العصر يوم عرفة أخذ في الدعاء والذكر والضراعة إلى الله تعالى إلى غروب الشمس كما يفعل أهل عرفة، ولهذا قال أحمد: أرجو أنه لا بأس به، وقد فعله الحسن وجماعات، وكرهه جماعة منهم مالك. قال المصنف: ومن جعله بدعة لم يلحقه بفاحش البدع، بل يخفف أمره، أي إذا خلا من اختلاط الرجال بالنساء وإلا فهو من أفحشها. (فإذا غربت الشمس) يوم عرفة (فصدوا مزدلفة) مارين على طريق المأزمين، وهو بين الجبلين، وعليهم السكينة والوقار. ومن وجد فرجة أسرع. وهي كلها من الحرم، وحدها ما بين مأزمي عرفة ووادي محسر، مشتقة من الازدلاف وهو التقرب، لأن الحجاج يتقربون منها إلى منى، والازدلاف التقرب، ومنه قوله تعالى: * (وأزلفت الجنة للمتقين) * أي قربت. وقيل: لأن الناس يجتمعون بها، والاجتماع: الازدلاف، ومنه قوله تعالى:
* (وأزلفنا ثم الآخرين) * أي جمعناهم. وقيل: لمجئ الناس إليها في زلف من الليل، أي ساعات. وتسمى أيضا جمعا بفتح الجيم وسكون الميم، سميت بذلك لاجتماع الناس بها، وقيل: لأنه يجمع فيها بين الصلوات، وقيل: لاجتماع آدم
(٤٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 492 493 494 495 496 497 498 499 500 501 502 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532