الله في أيام معدودات) *، وأما المعلومات في قوله تعالى في سورة الحج: * (ويذكروا اسم الله في أيام معلومات) * فهي العشر الأول من ذي الحجة. (ورمى كل يوم) من أيام التشريق الثلاثة، وهي حادي عشر الحجة وتالياه. (إلى الجمرات الثلاث) والأولى منها تلي مسجد الخيف، وهي الكبرى، والثانية الوسطى، والثالثة جمرة العقبة وليست من منى، بل منى ينتهي إليها ويرمي. (كل جمرة سبع حصيات) للاتباع المعلوم من الأحاديث الصحيحة، فمجموع المرمي به في أيام التشريق ثلاثة وستون حصاة، ويسن استقبال القبلة في هذه الجمرات. (فإذا رمى اليوم) الأول، و (الثاني) من أيام التشريق (وأراد النفر) مع الناس، (قبل غروب الشمس) في اليوم الثاني، (جاز وسقط مبيت الليلة الثالثة ورمى يومها) ولا دم عليه لقوله تعالى: * (فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه) * ولاتيانه بمعظم العبادة. ويؤخذ من هذا التعليل أن محل ذلك إذا بات الليلتين الأوليين، فإن لم يبتهما لم يسقط مبيت الثالثة ولا رمي يومها، وهو كذلك فيمن لا عذر له كما نقله في المجموع عن الروياني عن الأصحاب وأقره. وكذا لو نفر بعد المبيت وقبل الرمي كما يفهمه تقييد المصنف ببعد الرمي، وبه صرح العمراني عن الشريف العثماني، قال: لأن هذا النفر غير جائز. قال المحب الطبري:
وهو صحيح متجه، وقال الزركشي: وهو ظاهر. والشرط أن ينفر بعد الزوال والرمي. قال الأصحاب: والأفضل تأخير النفر إلى الثالث، لا سيما للامام كما قاله في المجموع، للاقتداء به (ص) إلا لعذر كغلاء ونحوه، بل قال الماوردي في الأحكام السلطانية: ليس للامام ذلك لأنه متبوع، فلا ينفر إلا بعد كمال المناسك، حكاه عنه في المجموع. ويترك حصى اليوم الثالث أو يدفعها لمن لم يرم ولا ينفر بها. وأما ما يفعله الناس من دفنها فلا أصل له. (فإن لم ينفر) بكسر الفاء وضمها: أي يذهب، وأصله لغة: الانزعاج. (حتى غربت) أي الشمس (وجب مبيتها ورمي الغد) لما رواه مالك عن نافع عن ابن عمر بإسناد صحيح موقوف عليه. ولو غربت الشمس وهو في شغل الارتحال فله النفر، لأن في تكليفه حل الرحل والمتاع مشقة عليه، كما لو ارتحل وغربت الشمس قبل انفصاله من منى فإن له النفر، وهذا ما جزم به ابن المقري تبعا لأصل الروضة، وهو المعتمد خلافا لما في مناسك المصنف من أنه يمتنع عليه النفر، وإن قال الأذرعي:
إن ما في أصل الروضة غلط. ولو نفر قبل الغروب ثم عاد إلى منى زائرا أو مارا أو نحو ذلك، سواء أكان ذلك قبل الغروب أم بعده، لم يلزمه مبيت تلك الليلة ولا رمى يومها، بل لو بات هذا متبرعا سقط عنه الرمي لحصول الرخصة له بالنفر، ويجب بترك مبيت ليالي منى دم لتركه المبيت الواجب، كما يجب في ترك مبيت مزدلفة دم وفي ترك مبيت الليلة الواحدة مد والليلتين مدان من طعام، وفي ترك الثلاث مع ليلة مزدلفة دمان لاختلاف المبيتين مكانا. ويفارق ما يأتي في ترك الرميين بأن تركهما يستلزم ترك مكانين وزمانين، وترك الرميين لا يستلزم إلا ترك زمانين، فلو نفر مع ترك مبيت ليلتين من أيام منى في اليوم الأول أو الثاني، لزمه دم لتركه جنس المبيت بمنى فيهما، ويسقط مبيت منى ومزدلفة والدم عن الرعاء - بكسر الراء وبالمد - إن خرجوا منهما قبل الغروب، لأنه (ص) رخص لرعاء الإبل أن يتركوا المبيت بمنى. وقيس بمنى مزدلفة، وصورته أن يأتيها قبل الغروب ثم يخرج منها حينئذ على خلاف العادة، فإن لم يخرجوا قبل الغروب بأن كانوا بها بعده لزمهم مبيت تلك الليلة والرمي من الغد. وأما أهل السقاية، وهي بكسر السين: موضع بالمسجد الحرام يسقي فيه الماء ويجعل في حياض يسبل للشاربين فيسقط عنهم المبيت، ولو نفروا بعد الغروب وكانت السقاية محدثة، لأنه (ص) رخص للعباس أن يبيت بمكة ليالي منى لأجل السقاية رواه الشيخان. وغير العباس ممن هو من أهل السقاية في معناه وإن لم يكن عباسيا، وإنما لم يقيد ذلك بخروجهم قبل الغروب، لأن عملهم بالليل بخلاف الرعاء. وما ذكر في السقاية الحادثة هو ما صححه المصنف وهو المعتمد خلافا للرافعي ومن تبعه من تصحيح المنع. ولرعاء الإبل وأهل السقاية تأخيري الرمي يوما فقط ويؤدونه في تاليه قبل رميه لا رمي يومين متواليين، وهذا بالنسبة لوقت الاختيار وإلا فقد مر أن وقت الجواز يمتد إلى آخر أيام التشريق، فقول المجموع: قال الروياني وغيره لا يرخص للرعاء في ترك رمي يوم النحر، أي في تأخيره، محمول