مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٥٠٦
الله في أيام معدودات) *، وأما المعلومات في قوله تعالى في سورة الحج: * (ويذكروا اسم الله في أيام معلومات) * فهي العشر الأول من ذي الحجة. (ورمى كل يوم) من أيام التشريق الثلاثة، وهي حادي عشر الحجة وتالياه. (إلى الجمرات الثلاث) والأولى منها تلي مسجد الخيف، وهي الكبرى، والثانية الوسطى، والثالثة جمرة العقبة وليست من منى، بل منى ينتهي إليها ويرمي. (كل جمرة سبع حصيات) للاتباع المعلوم من الأحاديث الصحيحة، فمجموع المرمي به في أيام التشريق ثلاثة وستون حصاة، ويسن استقبال القبلة في هذه الجمرات. (فإذا رمى اليوم) الأول، و (الثاني) من أيام التشريق (وأراد النفر) مع الناس، (قبل غروب الشمس) في اليوم الثاني، (جاز وسقط مبيت الليلة الثالثة ورمى يومها) ولا دم عليه لقوله تعالى: * (فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه) * ولاتيانه بمعظم العبادة. ويؤخذ من هذا التعليل أن محل ذلك إذا بات الليلتين الأوليين، فإن لم يبتهما لم يسقط مبيت الثالثة ولا رمي يومها، وهو كذلك فيمن لا عذر له كما نقله في المجموع عن الروياني عن الأصحاب وأقره. وكذا لو نفر بعد المبيت وقبل الرمي كما يفهمه تقييد المصنف ببعد الرمي، وبه صرح العمراني عن الشريف العثماني، قال: لأن هذا النفر غير جائز. قال المحب الطبري:
وهو صحيح متجه، وقال الزركشي: وهو ظاهر. والشرط أن ينفر بعد الزوال والرمي. قال الأصحاب: والأفضل تأخير النفر إلى الثالث، لا سيما للامام كما قاله في المجموع، للاقتداء به (ص) إلا لعذر كغلاء ونحوه، بل قال الماوردي في الأحكام السلطانية: ليس للامام ذلك لأنه متبوع، فلا ينفر إلا بعد كمال المناسك، حكاه عنه في المجموع. ويترك حصى اليوم الثالث أو يدفعها لمن لم يرم ولا ينفر بها. وأما ما يفعله الناس من دفنها فلا أصل له. (فإن لم ينفر) بكسر الفاء وضمها: أي يذهب، وأصله لغة: الانزعاج. (حتى غربت) أي الشمس (وجب مبيتها ورمي الغد) لما رواه مالك عن نافع عن ابن عمر بإسناد صحيح موقوف عليه. ولو غربت الشمس وهو في شغل الارتحال فله النفر، لأن في تكليفه حل الرحل والمتاع مشقة عليه، كما لو ارتحل وغربت الشمس قبل انفصاله من منى فإن له النفر، وهذا ما جزم به ابن المقري تبعا لأصل الروضة، وهو المعتمد خلافا لما في مناسك المصنف من أنه يمتنع عليه النفر، وإن قال الأذرعي:
إن ما في أصل الروضة غلط. ولو نفر قبل الغروب ثم عاد إلى منى زائرا أو مارا أو نحو ذلك، سواء أكان ذلك قبل الغروب أم بعده، لم يلزمه مبيت تلك الليلة ولا رمى يومها، بل لو بات هذا متبرعا سقط عنه الرمي لحصول الرخصة له بالنفر، ويجب بترك مبيت ليالي منى دم لتركه المبيت الواجب، كما يجب في ترك مبيت مزدلفة دم وفي ترك مبيت الليلة الواحدة مد والليلتين مدان من طعام، وفي ترك الثلاث مع ليلة مزدلفة دمان لاختلاف المبيتين مكانا. ويفارق ما يأتي في ترك الرميين بأن تركهما يستلزم ترك مكانين وزمانين، وترك الرميين لا يستلزم إلا ترك زمانين، فلو نفر مع ترك مبيت ليلتين من أيام منى في اليوم الأول أو الثاني، لزمه دم لتركه جنس المبيت بمنى فيهما، ويسقط مبيت منى ومزدلفة والدم عن الرعاء - بكسر الراء وبالمد - إن خرجوا منهما قبل الغروب، لأنه (ص) رخص لرعاء الإبل أن يتركوا المبيت بمنى. وقيس بمنى مزدلفة، وصورته أن يأتيها قبل الغروب ثم يخرج منها حينئذ على خلاف العادة، فإن لم يخرجوا قبل الغروب بأن كانوا بها بعده لزمهم مبيت تلك الليلة والرمي من الغد. وأما أهل السقاية، وهي بكسر السين: موضع بالمسجد الحرام يسقي فيه الماء ويجعل في حياض يسبل للشاربين فيسقط عنهم المبيت، ولو نفروا بعد الغروب وكانت السقاية محدثة، لأنه (ص) رخص للعباس أن يبيت بمكة ليالي منى لأجل السقاية رواه الشيخان. وغير العباس ممن هو من أهل السقاية في معناه وإن لم يكن عباسيا، وإنما لم يقيد ذلك بخروجهم قبل الغروب، لأن عملهم بالليل بخلاف الرعاء. وما ذكر في السقاية الحادثة هو ما صححه المصنف وهو المعتمد خلافا للرافعي ومن تبعه من تصحيح المنع. ولرعاء الإبل وأهل السقاية تأخيري الرمي يوما فقط ويؤدونه في تاليه قبل رميه لا رمي يومين متواليين، وهذا بالنسبة لوقت الاختيار وإلا فقد مر أن وقت الجواز يمتد إلى آخر أيام التشريق، فقول المجموع: قال الروياني وغيره لا يرخص للرعاء في ترك رمي يوم النحر، أي في تأخيره، محمول
(٥٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 501 502 503 504 505 506 507 508 509 510 511 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532