إلى الكلام على رمي أيام التشريق. (ثم) بعد الرمي ينصرفون، فينزلون موضعا بمنى، والأفضل منها منزل النبي (ص) وما قاربه. قال الأزرقي: ومنزله (ص) بمنى عن يسار مصلى الامام. ثم (يذبح من معه هدي) بإسكان الدال وكسرها مع تخفيف الياء في الأولى وتشديدها في الثانية، لغتان فصيحتان. وهو كما قاله الروياني اسم لما يهدي لمكة وحرمها تقربا إلى الله تعالى من نعم وغيرها من الأموال نذرا كان أو تطوعا لكنه عند الاطلاق اسم للإبل والبقر والغنم. (ثم يحلق) الذكر (أو يقصر)، لقوله تعالى: * (محلقين رؤوسكم ومقصرين) * وللاتباع في الأول، رواه مسلم، والثاني في معناه. (و) لكن (الحلق) له (أفضل) إجماعا، وللآية المتقدمة، فإن العرب تبدأ بالأهم والأفضل. وقد روى الشيخان عن عمر أنه (ص) قال: اللهم ارحم المحلقين، فقالوا: يا رسول الله والمقصرين؟ فقال: اللهم ارحم المحلقين، وقال في الرابعة:
والمقصرين. ويندب أن يبدأ بالشق الأيمن فيستوعبه بالحلق ثم يحلق الشق الأيسر، وأن يستقبل المحلوق القبلة، وأن يكبر عند فراغه كما ذكره الرافعي وأغفله من الروضة، وذكره في المجموع عن الماوردي وغيره، ثم قال: إنه غريب.
وأن يدفن شعره خصوصا الشعر الحسن لئلا يؤخذ للوصل، وأن يستوعب الحلق أو التقصير. قال القاضي حسين: وأن يأخذ من شاربه. قال في الخصال: وأن يكون بعد كمال الرمي وغير المحرم مثله فيما ذكر غير التكبير. نعم التقصير أفضل إن اعتمر قبل الحج في وقت لو حلق فيه جاء يوم النحر ولم يسود رأسه من الشعر، نقله الأسنوي عن النص، ويأتي مثله فيما لو قدم الحج على العمرة. قال الزركشي: وإنما لم يؤمر بحلق بعض رأسه في الحج وبعضه في العمرة لأنه يكره القزع.
ويؤخذ من ذلك أنه لو خلق له رأسان وحلق أحدهما في العمرة والآخر في الحج لم يكره. ويسن أن يبلغ بالحلق إلى العظمين من الأصداغ، وأن لا يشارط عليه، وأن يأخذ شيئا من ظفره عند فراغه، وأن يقول عند فراغه: اللهم آتني بكل شعرة حسنة وامح عني بها سيئة وارفع لي بها درجة، واغفر لي وللمحلقين والمقصرين ولجميع المسلمين. ومحل أفضلية الحلق إذا لم ينذره، فإن نذره وجب لأنه في حقه قربة بخلاف المرأة والخنثى. ويجب استيعاب الرأس بالحلق إن نذر الاستيعاب أو عبر بالحلق مضافا، وإن أطلق كفاه ثلاث شعرات. ولا يجزئه قص ونحوه مما لا يسمى حلقا كنتف إذ الحلق استئصال الشعر بالموسى ولا يبقى الحلق في ذمته، لأن النسك إنما هو إزالة شعر اشتمل عليه الاحرام. ويلزمه دم لفوات الوصف كما لو نذر الحج ماشيا فركب. ونذر المرأة والخنثى التقصير كنذر الرجل الحلق فيما ذكر، وأن يتطيب بعد ذلك ويلبس ثيابه. (وتقصر المرأة) ولا تؤمر بالحلق إجماعا بل يكره لها الحلق على الأصح في المجموع. وقيل: يحرم لأنه مثلة وتشبيه بالرجال، ومال إليه الأذرعي في المزوجة والمملوكة حيث لا يؤذن لها فيه. نعم يحرم حلقها عند المصيبة لأنه (ص) برئ من الصالقة والحالقة والشاقة. ويندب لها أن تقصر قدر أنملة من جميع جوانب رأسها. قال الأسنوي: والمتجه أن الصغيرة التي لم تنته إلى سن يترك فيه شعرها كالرجل في استحباب الحلق. قال في التوسط: وهذا غلط صريح لعلة التشبيه، وليس الحلق بمشروع للنساء مطلقا بالنص والاجماع اه. ويؤخذ من ذلك أن المرأة الكافرة إذا أسلمت لا تحلق رأسها، وأما قوله (ص): ألق عنك شعر الكفر ثم اغتسل فمحمول على الذكر، وينبغي كما قال بعض المتأخرين أن يستثنى حلق رأس الصغيرة يوم سابع ولادتها للتصدق بزنته فإنه يستحب كما صرحوا به في باب العقيقة، واستثنى بعضهم من كراهة الحلق للمرأة صورتين: إحداهما إذا كان برأسها أذى لا يمكن زواله إلا بالحلق، كمعالجة حب ونحوه. الثانية: إذا حلقت رأسها لتخفي كونها امرأة خوفا على نفسها من الزنا ونحو ذلك، ولهذا يباح لها لبس الرجال في هذه الحالة، والخنثى في ذلك كالأنثى. (والحلق) أي إزالة شعر الرأس أو التقصير في حج أو عمرة في وقته (نسك على المشهور) وفي الروضة: الأظهر. فيثاب عليه، لأن الحلق أفضل من التقصير للذكر، والتفضيل إنما يقع في العبادات دون المباحات.
وروى ابن حبان في صحيحه أنه (ص) قال: لكل من حلق رأسه بكل شعرة سقطت نور يوم القيامة، وعلى هذا هو ركن كما سيأتي، وقيل واجب. والثاني: هو استباحة محظور لا ثواب فيه، لأنه محرم في الاحرام فلم يكن نسكا كلبس المخيط. (وأقله) أي إزالة شعر الرأس أو التقصير (ثلاث شعرات) لقوله تعالى: * (محلقين رؤوسكم) *