مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٥١٢
كالمتحزن على فراقه، وجرى على ذلك ابن المقري. ويقول عند خروجه من مكة: الله أكبر ثلاثا، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير، آيبون عابدون ساجدون لربنا حامدون وصدق الله وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده. (و) تسن (زيارة قبر رسول الله (ص)) لقوله (ص): من زار قبري وجبت له شفاعتي، رواه ابن خزيمة في صحيحه من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، ومفهومه أنها جائزة لغير زائره. ولقوله (ص): من جاءني زائرا لم تنزعه حاجة إلا زيارتي كان حقا على الله تعالى أن أكون له شفيعا يوم القيامة رواه ابن السكن في سننه الصحاح المأثورة. وروى البخاري: من صلى علي عند قبري وكل الله به ملكا يبلغني وكفي أمر دنياه وآخرته وكنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة. فزيارة قبره (ص) من أفضل القربات ولو لغير حاج ومعتمر، فقوله: (بعد فراغ الحج) كما قاله الشافعي والأصحاب ليس المراد اختصاص طلب الزيارة بهذه الحالة فإنها مندوبة مطلقا كما مر بعد حج أو عمرة قبلهما أولا مع نسك، بل المراد تأكد الزيارة فيها لامرين: أحدهما أن الغالب على الحجيج الورود من آفاق بعيدة، فإذا قربوا من المدينة يقبح تركهم الزيارة، والثاني: لحديث: من حج ولم يزرني فقد جفاني رواه ابن عدي في الكامل وغيره، وهذا يدل على أنه يتأكد للحاج أكثر من غيره. وحكم المعتمر حكم الحاج في تأكد ذلك وإن لم تشمله عبارة المصنف. وفي الحديث: لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجدي هذا فتسن زيارة بيت المقدس وزيارة الخليل (ص)، ولا تعلق لهما بالحج. ويسن لمن قصد المدينة الشريفة لزيارة قبره (ص) أن يكثر في طريقه من الصلاة والسلام عليه (ص)، ويزيد فيهما إذا أبصر أشجارها مثلا، ويسأل الله تعالى أن ينفعه بهذه الزيارة ويتقبلها منه، وأن يغتسل قبل دخوله كما تقدم، ويلبس أنظف وأحسن ثيابه، فإذا دخل المسجد قصد الروضة وهي ما بين القبر والمنبر وصلى تحية المسجد بجنب المنبر وشكر الله تعالى بعد فراغهما على هذه النعمة. ثم يأتي القبر الشريف فيستقبل رأسه، ويستدبر القبلة ويبعد عنه نحو أربعة أذرع، ويقف ناظرا إلى أسفل ما يستقبل في مقام الهيبة والاجلال فارغ القلب من علائق الدنيا، ويسلم عليه (ص) لخبر: ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام رواه أبو داود بإسناد صحيح. وأقل السلام عليه: السلام عليك يا رسول الله صلى الله عليك وسلم، ولا يرفع صوته تأدبا معه (ص) كأنه في حياته. ثم يتأخر إلى صوب يمينه قدر ذراع فيسلم على أبي بكر رضي الله عنه فإن رأسه عند منكب رسول الله (ص)، ثم يتأخر قدر ذراع آخر فيسلم على عمر رضي الله تعالى عنه، لما روى البيهقي أن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما كان إذا قدم من سفره دخل المسجد ثم أتى القبر الشريف، فقال: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبتاه ثم يرجع إلى موقفه الأول قبالة وجهه (ص) ويتوسل به في حق نفسه. ويستشفع به إلى ربه لما روى الحاكم عن النبي (ص) أنه قال: لما اقترف آدم الخطيئة قال: يا رب أسألك بحق محمد (ص) إلا ما غفرت لي فقال الله تعالى: وكيف عرفت محمدا ولم أخلقه؟ قال: يا رب لأنك لما خلقتني ونفخت في من روحك رفعت رأسي فرأيت في قوائم العرش مكتوبا: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فعرفت أنك لم تضف إلى نفسك إلا أحب الخلق إليك. فقال الله تعالى: صدقت يا آدم، إنه لأحب الخلق إلي، إذ سألتني به فقد غفرت لك، ولولا محمد ما خلقتك، قال الحاكم: هذا صحيح الاسناد. ومن أحسن ما يقوله الزائر بعد ذلك:
يا خير من دفنت بالقاع أعظمه فطاب من طيبهن القاع والاكم روحي الفداء لقبر أنت ساكنه فيه العفاف وفيه الجود والكرم أنت الحبيب الذي ترجى شفاعته يوم الحساب إذا ما زلت القدم ثم يستقبل القبلة ويدعو لنفسه ولمن شاء من المسلمين. ويسن أن يأتي سائر المشاهد بالمدينة، وهي نحو ثلاثين
(٥١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 507 508 509 510 511 512 513 514 515 516 517 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532