مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٥٠٠
المنصوص في الام والصحيح من جهة المذهب، أي ولا يلزم من البناء الاتحاد في الترجيح. ومحل القولين حيث لا عذر، أما المعذور بما سيأتي في مبيت منى فلا دم عليه جزما. ومن المعذورين من جاء عرفة ليلا فاشتغل بالوقوف عنه، ومن أفاض من عرفة إلى مكة وطاف الركن وفاته. قال الأذرعي: وينبغي حمله على من لم يمكنه الدفع إلى المزدلفة، أي بلا مشقة، فإن أمكنه وجب جمعا بين الواجبين، وهذا ظاهر. ومنهم ما لو خافت المرأة طروء الحيض أو النفاس فبادرت إلى مكة بالطواف. (ويسن تقديم النساء والضعفة بعد نصف الليل إلى منى) ليرموا جمرة العقبة قبل زحمة الناس، ولما مر في الصحيحين عن عائشة رضي الله تعالى عنها، أن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: أنا ممن قدم النبي (ص) ليلة المزدلفة في ضعفة أهله (ويبقى غيرهم حتى يصلوا الصبح) بمزدلفة (مغسلين) للاتباع، رواه الشيخان. وليس التغليس بالصبح خاصا بمزدلفة بل هو مستحب كل يوم. وكأنه أراد أنه في هذا اليوم أشد استحبابا كما عبر به في الروضة وأصلها ليتسع الوقت لما بين أيديهم من أعمال يوم النحر. وينبغي الحرص على صلاة الصبح هناك للخروج من الخلاف، فقد قال ابن حزم:
فرض على الرجال أن يصلوا الصبح مع الامام الذي يقيم الحج بمزدلفة، قال: ومن لم يفعل ذلك فلا حج له. ( ثم يدفعون) بفتح أوله بخط المصنف، (إلى منى) وشعارهم مع من تقدم من النساء والضعفة التلبية والتكبير تأسيا به (ص)، رواه الشيخان. (ويأخذون) معطوف على يبيتون ليعم الضعفة وغيرهم، بخلاف ما لو عطف على يدفعون فإنه يقصر الاستحباب على غير الضعفة والنساء. (من مزدلفة) ندبا، (حصى الرمي) لما روى النسائي والبيهقي بإسناد صحيح عن الفضل بن العباس أن رسول الله (ص) قال له غداة يوم النحر: التقط لي حصى قال: فلقطت له حصيات مثل حصى الخذف. ولان بها جبلا في أحجاره رخاوة، ولان السنة أنه إذا أتى إلى منى لا يعرج على غير الرمي، فسن له أن يأخذ الحصى من مزدلفة حتى لا يشغله عنه.
تنبيه: قضية كلام المصنف أخذ جميع ما يرمى به في الحج وهو سبعون حصاة، وهو وجه جزم به في التنبيه وأقره المصنف في التصحيح، وجرى عليه في المناسك الكبرى، لكن الأصح استحباب الاخذ ليوم النحر خاصة فيأخذ كل واحد سبعا. قال في المجموع: والاحتياط أن يزيد فربما سقط منه شئ ويكون الاخذ ليلا كما قاله الجمهور لفراغهم فيه، وإن قال البغوي نهارا بعد صلاة الصبح ورجحه الأسنوي. ولو أخذ الحصى من غير مزدلفة، جاز كوادي محسر أو غيره.
وسكت الجمهور عن موضع أخذ حصى الجمار لأيام التشريق إذا قلنا بالأصح أنها لا تؤخذ من مزدلفة، وقال ابن كج:
تؤخذ من بطن محسر، قاله الأذرعي، وقال السبكي: لا تؤخذ لأيام التشريق إلا من منى، نص عليه في الاملاء اه‍. والظاهر أن السنة تحصل بالأخذ من كل منهما. ويكره أخذ حصى الجمار من حل لعدوله عن الحرم المحترم، ومن مسجد كما ذكره لأنها فرشه، ومن حش بفتح المهملة أشهر من ضمها، وهو المرحاض لنجاسته، وكذا من كل موضع نجس كما نص عليه في الام، ومما رمى به لما روي أن المقبول يرفع والمردود يترك ولولا ذلك لسد ما بين الجبلين، فإن رمى بشئ من ذلك أجزأه. قال في المجموع: فإن قيل لم جاز الرمي بحجر رمى به دون الوضوء بماء توضأ به؟ قلنا: فرق القاضي أبو الطيب وغيره بأن الوضوء بالماء إتلاف له كالعتق فلا يتوضأ به مرتين كما لا يعتق العبد عن الكفارة مرتين، والحجر كالثوب في ستر العورة فإنه يجوز أن يصلي فيه صلوات.
تنبيه: ما ذكراه من كراهة أخذ حصى المسجد قد خالفه في المجموع في باب الغسل، فجزم بتحريم إخراج الحصى من المسجد، فقال: ولا يجوز أخذ شئ من أجزاء المسجد كحصاة وحجر وتراب. وجزم أيضا بأنه لا يجوز التيمم بتراب المسجد. قال الأسنوي: وإذا تأملت كلامه هنا وهناك قضيت عجبا من منعه التيمم وتجويز أخذ الحصى. وبالغ في التشنيع. وجمع الأذرعي بينهما بأن كلامه هناك فيما إذا كان الحصى والتراب من أجزاء المسجد، وكلامه هنا منزل على ما جلب إليه من الحصى المباح وفرش فيه كما أشار إليه الرافعي. (فإذا) دفعوا إلى منى، و (بلغوا المشعر) وهو بفتح الميم
(٥٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 495 496 497 498 499 500 501 502 503 504 505 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532