مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٤٦٢
الصبي إلى استدراكها بعد بلوغه بخلاف الحج، وبأن مؤنة التعليم يسيرة غالبا. وإذا جامع الصبي في حجه فسد وقضى ولو في الصبا كالبالغ المتطوع، بجامع صحة إحرام كل منهما، فيعتبر فيه لفساد حجه ما يعتبر في البالغ من كونه عامدا عالما بالتحريم مختارا مجامعا قبل التحللين. قال الأصحاب: ويكتب للصبي ثواب ما عمل من الطاعات ولا يكتب عليه معصية بالاجماع.
تنبيه: تقييد المصنف بالصبي والمجنون يفهم أنه لا يصح الاحرام عن المغمى عليه، وهو كذلك. وسكت الشيخان عن الاحرام عن العبد، وقال الامام: إن كان بالغا فليس للسيد أن يحرم عنه، ومفهومه الجواز في الصغير، قال ابن الرفعة:
والقياس أن يكون كتزويجه اه‍. وظاهره عدم الصحة. وقال الأسنوي: رأيت في الام الجزم بالصحة من غير تقييد بالصغير - ثم ساق كلام الام -: ويمكن حمل كلامه على الصغير فيتوافق الكلامان، وهذا هو المعتمد. (وإنما تصح مباشرته من المسلم المميز) ولو صغيرا ورقيقا كسائر العبادات البدنية. ويشترط إذن الولي للصغير الحر وإذن السيد للصغير الرقيق، فإن لم يأذنا لهما واستقلا بالاحرام لم يصح على الأصح، وقيل: يصح ولكن لهما تحليلهما، فلا تصح مباشرة مجنون وصبي غير مميز. (وإنما يقع عن حجة الاسلام) وعمرته (بالمباشرة) أو النيابة (إذا باشره) المسلم المكلف، أي البالغ العاقل، (الحر) وإن لم يكلف بالحج، والمراد المكلف في الجملة لا بالحج، ولهذا قال: (فيجزئ حج الفقير) وكل عاجز إذا جمع الحرية والتكليف، كما لو تكلف المريض حضور الجمعة، أو الغني خطر الطريق وحج.
تنبيه: قوله: بالمباشرة تقييد مضر، فإنه يشترط في وقوع الحج عن فرض الاسلام أن يكون الذي باشره مكلفا سواء أكان الحج للمباشر أم كان نائبا عن غيره كما قدرته في كلامه كالميت والمعضوب. ولو تكلف الفقير الحج وأفسده ثم قضاه كفاه عن حجة الاسلام، ولو تكلف أو أحرم بنفل وقع عن فرضه أيضا، فلو أفسده ثم قضاه كان الحكم كذلك.
(دون) حج (الصبي والعبد) إذا كملاه بعده بالاجماع كما نقله ابن المنذر، ولقوله (ص): أيما صبي حج ثم بلغ فعليه حجة أخرى، وأيما عبد حج ثم عتق فعليه حجة أخرى رواه البيهقي بإسناد جيد كما في المجموع، والمعنى فيه أن الحج وظيفة العمر لا يتكرر، فاعتبر وقوعه في حال الكمال. فإن كملا قبل الوقوف أو في أثنائه وأدركا بعد الكمال زمنا يعتد بمثله لا الوقوف أو بعده وعادا قبل فوات الوقوف أجزأهما، لأنهما أدركا معظم العبادة، فصار كإدراك الركوع، وأعاد السعي منهما من كان قد سعى بعد القدوم لوقوعه في حال النقصان، ويخالف الاحرام فإنه مستدام بعد الكمال.
ويؤخذ من ذلك أنه يجزئه عن فرضه أيضا إذا تقدم الطواف أو ألحق وأعاده بعد إعادة الوقوف وظاهر أنه تجب إعادته لتبين وقوعه في غير محله، ولو كمل من ذكر في أثناء الطواف كان ككماله قبله كما في المجموع: أي وأتى بما مضى قبل كماله، بل ينبغي أنه لو كمل بعده ثم أعاده أنه يكفي كما لو أعاد الوقوف بعد الكمال، كما يؤخذ من قول ابن المقري في روضه، والطواف في العمرة كالوقوف في الحج اه‍. قال الأسنوي: وينبغي إذا كان عوده بعد الطواف أنه يجب عليه إعادته ثانيا كالسعي، ولم أر المسألة مصرحا بها اه‍. وهو حسن. ووقوع الكمال في أثناء العمرة على هذا التفصيل أيضا، والطواف فيها كالوقوف في الحج، ولا دم على من ذكر بإتيانه الاحرام بعد الكمال وإن لم يعد إلى الميقات كاملا لأنه أتى بما في وسعه ولا إساءة عليه، وحيث أجزأ من ذكر ما أتى به عن حجة الاسلام وعمرته وقع إحرامه أولا تطوعا وانقلب بعد الكمال فرضا على الأصح في المجموع في الصبي والرقيق والمجنون إذا حج عنه وليه ثم أفاق كبلوغ الصبي فيما ذكر كما في الكفاية، وجزم به الأسنوي وغيره، وإن كان في عبارة الروضة ما يوهم اشتراط الإفاقة عند الاحرام.
(وشرط) أي وشروط (وجوبه) أي ما ذكر من حج أو عمرة، (الاسلام والتكليف والحرية والاستطاعة) بالاجماع، وقال تعالى: * (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) * فلا يجب على كافر أصلي وجوب مطالبة به في الدنيا حتى لو أسلم وهو معسر بعد استطاعته في الكفر فإنه لا أثر لها، بخلاف المرتد فإن النسك يستقر
(٤٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 457 458 459 460 461 462 463 464 465 466 467 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532