منسوب إلى قرن قبيلة من مراد كما ثبت في مسلم. ونجد في الأصل المكان المرتفع ويسمى المنخفض غورا، وإذا أطلق نجد فالمراد نجد الحجاز. (ومن المشرق) العراق وغيره، (ذات عرق) وهي قرية على مرحلتين من مكة وقد خربت، والعقيق وهو واد فوق ذات عرق لأهل العراق، وخراسان أفضل من ذات عرق لأنه أحوط، ولما روى ابن هشام: أنه (ص) وقت لأهل المشرق العقيق رواه الترمذي وحسنه، لكن رده في المجموع ففيه ضعف، ولهذا لم يجب العمل به، لكن يستحب لاحتمال صحته. والأصل في المواقيت خبر الصحيحين: أنه (ص) وقت لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، وقال: هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة، ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة، وخبر الشافعي رضي الله تعالى عنه: أنه (ص) وقت لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام ومصر والمغرب الجحفة، وخبر النسائي وغيره بإسناد صحيح كما في المجموع: أنه (ص) وقت لأهل الشام ومصر الجحفة، ولأهل العراق ذات عرق. وقيل إن ذات عرق إنما كان باجتهاد عمر رضي الله تعالى عنه، والذي في الشرح والروضة عن ميل الأكثرين أنه بالنص، وقال في المجموع:
إنه الصحيح عند جمهور الأصحاب. والذي في شرح المسند للرافعي مذهب الشافعي أنه باجتهاد عمر، ولم يذكر غيره، وقال المصنف في شرح مسلم إنه الصحيح، وهو ما نص عليه في الام. والراجح الأول لصحة الحديث المتقدم. ويستثنى من إطلاق المصنف الأجير، فإن عليه أن يحرم من ميقات الميت أو المستأجر الذي يحج عنه، فإن مر بغير ذلك الميقات أحرم من موضع بإزائه إذا كان أبعد من ذلك الميقات من مكة. حكاه في الكفاية عن الفوراني وأقره.
فائدة: قال بعضهم: سألت أحمد بن حنبل: في أي سنة أقت النبي (ص) مواقيت الاحرام؟ قال: عام حج.
(والأفضل أن يحرم من أول الميقات) وهو الطرف الابعد من مكة فهو أفضل من الاحرام من وسطه ومن آخره ليقطع الباقي محرما، نعم يستثنى ذو الحليفة كما مر. قال الأذرعي: وهذا حق إن علم أن ذلك المسجد هو المسجد الموجود آثاره، والظاهر أنه هو اه. (ويجوز من آخره) لوقوع الاسم عليه، والعبرة بالبقعة لا بما بني ولو قريبا منها. (ومن سلك طريقا) في بر أو بحر (لا ينتهي إلى ميقات) مما ذكر، (فإن حاذى) بذال معجمة: أي سامت، (ميقاتا) منها بمفرده يمنة أو يسرة لا من ظهره أو وجهه، لأن الأول وراءه والثاني أمامه. (أحرم من محاذاته) لخبر البخاري عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: أن أهل العراق أتوا عمر فقالوا: يا أمير المؤمنين إن رسول الله (ص) حد لأهل نجد قرنا وهو جور، أي مائل عن طريقنا، وإن أردنا قرنا شق علينا، قال: فانظروا حذوها من طريقكم فحد لهم عمر ذات عرق ولم ينكر عليه أحد، فإن اشتبه عليه موضع المحاذاة اجتهد. ويسن له أن يستظهر خلافا للقاضي أبي الطيب حيث أوجبه. (أو) حاذى (ميقاتين) طريقه بينهما، أو كانا معا في جهة واحدة، (فالأصح أنه يحرم من محاذاة) أقربهما إليه، وإن كان الآخر أبعد إلى مكة، إذ لو كان أمامه ميقات فإنه ميقاته وإن حاذى ميقاتا أبعد فكذا ما هو بقربه، فإن استويا في القرب إليه أحرم من محاذاة (أبعدهما) من مكة، وإن حاذى الأقرب إليها أو لا كأن كان الابعد منحرفا أو وعرا، فإن قيل: فإذا استويا في القرب إليه فكلاهما ميقات. أجيب بأن ميقاته الابعد إلى مكة، وتظهر فائدته فيما لو جاوزهما مريدا للنسك ولم يعرف موضع المحاذاة ثم رجع إلى الابعد أو إلى مثل مسافته، سقط عنه الدم لا إن رجع إلى الآخر، فإن استويا في القرب إليها وإليه أحرم من محاذاتهما إن لم يحاذ أحدهما قبل الآخر، وإلا فمن محاذاة الأول، ولا ينتظر محاذاة الآخر، كما أنه ليس للمار على ذي الحليفة أن يؤخر إحرامه إلى الجحفة. ومقابل الأصح في كلام المصنف أنه يخير إن شاء أحرم من الموضع المحاذي لأبعدهما وإن شاء لأقربهما. قال الماوردي: وهو الصحيح وقول الجمهور، لأنه لم يمر على ميقات منصوص عليه فتركه وقد أحرم محاذيا الميقات. (وإن لم يحاذ) ميقاتا