مات عن حلي مباح، ولم يعلم به وارثه إلا بعد الحول فإنه تجب زكاته، لأن الوارث لم ينو إمساكه لاستعمال مباح، ذكره الروياني، ثم ذكر عن والده احتمال وجه فيه إقامة نية مورثه مقام نيته. واستشكل الأول بالحلي الذي اتخذه بلا قصد شئ بأنه لا زكاة فيه كما سيأتي. وأجيب بأن في تلك اتخاذا دون هذه. (فمن المحرم الاناء) من الذهب والفضة للذكر وغيره كما مر في الأواني، وهو محرم لعينه، ومنه الميل للمرأة وغيرها فيحرم عليها. نعم لو اتخذ شخص ميلا من ذهب أو فضة لجلاء عينه فهو مباح كما مر في الكلام على الأواني، ولا زكاة فيه على الأظهر. (والسوار) بكسر السين ويجوز بضمها، (والخلخال) بفتح الخاء، (للبس الرجل) بأن يقصده باتخاذهما فهما محرمان بالقصد، والخنثى في حلي النساء كالرجل، وفي حلي الرجال كالمرأة، احتياطا للشك في إباحته. (فلو اتخذ) الرجل (سوارا) مثلا (بلا قصد) لا للبس ولا لغيره، (أو بقصد إجارته لمن له استعماله) بلا كراهة، (فلا زكاة) فيه (في الأصح) لانتفاء القصد المحرم والمكروه، والثاني: ينظر في الأولى إلى أنه ليس له لبسه، وفي الثانية إلى أنه معد للماء. أما لو اتخذه لبعيره لمن له لبسه فلا زكاة جزما. وخرج بقول المصنف بلا قصد ما إذا قصد اتخاذه كنزا، فإن الصحيح وجوب الزكاة فيه. ولو قصد باتخاذه مباحا ثم غيره إلى محرم أو بالعكس تغير الحكم كما جزم به في المجموع. (وكذا لو انكسر الحلي) المباح للاستعمال بحيث يمنع الاستعمال، (وقصد إصلاحه) وأمكن بلا صوغ فلا زكاة أيضا على الأصح وإن دام أحوالا لدوام صورة الحلي وقصد إصلاحه، والثاني: يجب فيه الزكاة لتعذر استعماله. وخرج بقوله وقصد إصلاحه ما إذا لم يقصده بأن قصد جعله تبرا أو دراهم أو كنزه أو لم يقصد شيئا، وبقولي وأمكن بلا صوغ ما لو أحوج انكساره إلى صوغ فإن زكاته تجب وينعقد حوله من حين انكساره، لأنه غير مستعمل ولا معد للاستعمال، ولو كان الانكسار لا يمنع الاستعمال فلا أثر له.
تنبيه: حيث أوجبنا الزكاة في الحلي واختلفت قيمته ووزنه فالعبرة بقيمته لا وزنه بخلاف المحرم لعينه كالأواني فالعبرة بوزنه لا قيمته، فلو كان له حلي وزنه مائتا درهم وقيمته ثلاثمائة تخير بين أن يخرج ربع عشرة مشاعا ثم يبيعه الساعي بغير جنسه ويفرق ثمنه على المستحقين، أو يخرج خمسة مصوغة قيمتها سبعة ونصف نقدا، ولا يجوز كسره ليعطي منه خمسة مكسرة لأن فيه ضررا عليه وعلى المستحقين، أو كان له إناء كذلك تخير بين أن يخرج خمسة من غيره أو يكسره ويخرج خمسة أو يخرج ربع عشره مشاعا. (ويحرم على الرجل حلي الذهب) ولو في آلة الحرب، لما رواه الترمذي وصححه أنه (ص) قال: أحل الذهب والحرير لإناث أمتي وحرم على ذكورها. (إلا الانف) إذا جدع فإنه يجوز أن يتخذ من الذهب وإن أمكن اتخاذه من فضة، لأن عرفجة بن أنس قطع أسعد يون الكلاب بضم الكاف اسم للمكان الذي كانت الوقعة عنده في الجاهلية فاتخذ له أنفا من فضة فأنتن عليه، فأمره (ص) أن يتخذه من ذهب، رواه الترمذي وصححه ابن حبان والحكمة في الذهب أنه لا يصدأ إذا كان خالصا بخلاف الفضة. (و) إلا (الأنملة) فإنه يجوز اتخاذها لمن قطعت منه ولو لكل أصبع من الذهب قياسا على الانف. قال الأذرعي: ويجب أن يقيد ذلك بما إذا كان ما تحت الأنملة سليما دون ما إذا كان أشل كما أرشد إليه تعليلهم بالعمل اه. وهو تقييد حسن، وعليه ينبغي أن يكون في غير الأنملة السفلى. ثم رأيت الغزي قال: وينبغي أن يقال: الأنملة السفلى كالإصبع في المنع لأنها لا تتحرك اه.
فائدة: في الأنملة تسع لغات: تثليث همزتها مع تثليث الميم، وأفصحها فتح الهمزة وضم الميم، قال جمهور أهل اللغة: الأنامل أطراف الأصابع، أي من اليدين والرجلين، وقال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى وأصحابه: في كل أصبع غير الابهام ثلاث أنامل. (و) إلا (السن) فإنه يجوز لمن قلعت سنه اتخاذ سن قياسا على الانف وإن تعددت