مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٣٤٦
على الغائب جائزة وتعيينهم غير شرط. (ويجب تقديمها) أي الصلاة (على الدفن) وتأخيرها عن الغسل أو التيمم عند العجز عن استعمال الماء، فإن دفن من غير صلاة أثم كل من توجه عليه فرض الصلاة إلا أن يكون عذر. ويصلى عليه وهو في القبر ولا ينبش لذلك كما يؤخذ من قوله: (وتصح بعده) أي الدفن للاتباع لخبر الصحيحين، بشرط أن لا يتقدم على القبر كما سيأتي في زيادة المصنف، ويسقط الفرض بالصلاة على القبر على الصحيح. وإلى متى يصلى عليه؟
فيه أوجه، أحدها: أبدا، فعلى هذا تجوز الصلاة على قبور الصحابة فمن بعدهم إلى اليوم، قال في المجموع: وقد اتفق الأصحاب على تضعيف هذا الوجه. ثانيها: إلى ثلاثة أيام دون ما بعدها، وبه قال أبو حنيفة. ثالثها: إلى شهر، وبه قال أحمد. رابعها: ما بقي منه شئ في القبر فإن انمحقت أجزاؤه لم يصل عليه، وإن شك في الانمحاق فالأصل البقاء.
خامسها: يختص بمن كان من أهل الصلاة عليه يوم موته، وصححه في الشرح الصغير، فيدخل المميز على هذا دون غير المميز. (والأصح تخصيص الصحة) أي صحة الصلاة على القبر (بمن كان من أهل فرضها وقت الموت) دون غيره لأنه يؤدي فرضا خوطب به، وأما غيره فمتطوع. وهذه الصلاة لا يتطوع بها، قال في المجموع: معناه أنه لا يجوز الابتداء بصورتها من غير جنازة بخلاف صلاة الظهر يأتي بصورتها ابتداء بلا سبب. ثم قال: لكن ما قالوه ينتقض بصلاة النساء مع الرجال فإنها لهن نافلة وهي صحيحة. وقال الزركشي: معناه أنها لا تفعل مرة بعد أخرى، أي من صلاها لا يعيدها، أي لا يطلب منه ذلك. ولكن سيأتي أنه لو أعادها وقعت له نافلة، وكأن هذا مستثنى من قولهم: إن الصلاة إذا لم تكن مطلوبة لا تنعقد. أما لو صلى عليها من لم يصل أولا فإنها تقع له فرضا. وما صححه المصنف من اعتبار أهلية الفرض، قال في العزيز: إنه الأظهر، ونقله في المجموع على الجمهور. قال القاضي: وقضية ذلك منع الكافر والحائض يومئذ. وصرح به المتولي، وهو ظاهر كلام الأصحاب. ورأي الامام إلحاقهما بالمحدث وتبعه في الوسيط، وهذا هو الظاهر. قال الأسنوي:
واعتبار الموت يقتضي أنه لو بلغ أو أفاق بعد الموت وقبل الغسل لم يعتبر ذلك، والصواب خلافه، لأنه لو لم يكن ثم غيره لزمته الصلاة اتفاقا، وكذا لو كان ثم غيره فترك الجميع فإنهم يأثمون، بل لو زال المانع بعد الغسل أو بعد الصلاة عليه وأدرك زمنا تمكن فيه الصلاة كان كذلك اه‍. وهذا كلام متين، فينبغي الضبط بمن كان من أهل فرضها وقت الدفن لئلا يرد ما قبل. (ولا يصلى على قبر رسول الله (ص) بحال) واستدل له الرافعي ومن تبعه بقوله (ص): أنا أكرم على ربي أن يتركني في قبري بعد ثلاث قال الدميري: وهذا الحديث باطل لا أصل له، لكن روى البيهقي عن أنس رضي الله تعالى عنه أن النبي (ص) قال: الأنبياء لا يتركون في قبورهم بعد أربعين ليلة لكنهم يصلون بين يدي الله تعالى حتى ينفخ في الصور اه‍. وكذا لا يصلى على قبر غيره من الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين لخبر الصحيحين: لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد وفي الاستدلال بهذا نظر، ولأنا لم نكن من أهل الفرض وقت موتهم. وقيل: يجوز فرادى لا جماعة.
فرع: في بيان الأولى بالصلاة على الجنازة. قال الشارح: زاد الترجمة به لطول الفصل قبله بما اشتمل عليه، كما نقص ترجمة التعزية بفصل لقصر الفصل قبله اه‍. وبهذا يندفع ما قيل: إن ترجمة المصنف بالفرع قد تستشكل لأن المذكور فيه، وهو بيان أولوية الولي، ليس فرعا عما قبله عن كيفية الصلاة، لأن المصلي ليس متفرعا على الصلاة.
(الجديد أو الولي) أي القريب الذكر (أولى) أي أحق (بإمامتها) أي الصلاة على الميت (من الوالي) وإن أوصى الميت لغير الولي لأنها حقه، فلا تنفذ وصيته بإسقاطها كالإرث. وما ورد من أن أبا بكر وصى أن يصلي عليه عمر فصلى وأن عمر وصى أن يصلي عليه صهيب فصلى ووقع لجماعة من الصحابة، ذلك محمول على أن أولياءهم أجازوا
(٣٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 351 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532