قوله حتى تعتدل قائما، حتى تطمئن قائما.
فائدة: إنما سميت هذه التكبيرة بتكبيرة الاحرام لأنه يحرم بها على المصلي ما كان حلالا له قبلها من مفسدات الصلاة كالأكل والشرب والكلام ونحو ذلك. (ويتعين) فيها (على القادر) على النطق بها (الله أكبر) لأنه المأثور من فعله (ص) مع رواية البخاري: صلوا كما رأيتموني أصلي. فإن قيل: الأقوال لا ترى فكيف يستدل بذلك؟ أجيب بأن المراد بالرؤية العلم، أي كما علمتموني أصلي، فلا يجزئ: الله الكبير لفوات مدلول أفعل، وهو التفضيل، وكذا الرحمن أو الرحيم أكبر عن الأصح ولو قال: الرحمن أجل أو الرب أعظم لم يجز قطعا لفوات اللفظين معا. (ولا تضر زيادة لا تمنع الاسم) أي اسم التكبير، (كالله الأكبر) بزيادة اللام، لأنه لفظ يدل على التكبير وعلى زيادة مبالغة في التعظيم، وهو الاشعار بالتخصيص، فصار كقوله: الله أكبر من كل شئ إذ معنى الله أكبر: أي من كل شئ. (وكذا) لا يضر الله أكبر وأجل، أو (الله الجليل أكبر في الأصح) وكذا كل صفة من صفاته تعالى إذا لم يطل بها الفصل، كقوله: الله عز وجل أكبر لبقاء النظم والمعنى، بخلاف ما لو تخلل غير صفاته تعالى كقوله: الله هو الأكبر، أو طالت صفاته تعالى كالله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس أكبر، أو طال سكوته بين كلمتي التكبير، أو زاد حرفا فيه يغير المعنى كمدة همزة الله وألف بعد الباء، أو زاد واوا ساكنة أو متحركة بين الكلمتين، أو زادها قبل الكلمتين كما في فتاوى القفال. ولو شدد الباء من أكبر، ففي فتاوى ابن رزين أنها لا تنعقد، ووجهه واضح لأنه لا يمكن تشديدها إلا بتحريك الكاف لأن الباء المدغمة ساكنة والكاف ساكنة ولا يمكن النطق بهما، وإذا حركت تغير المعنى، لأنه يصير أكبر. ونقل عنه شيخنا أنه قال: لو شدد الراء بطلت صلاته، واعترض عليه بأن الوجه خلافه، ولعل النقل اختلف عنه. ولو لم يجزم الراء من أكبر لم يضر خلافا لما اقتضاه كلام ابن يونس في شرح التنبيه، واستدل له الدميري بقوله (ص): التكبير جزم اه. قال الحافظ ابن حجر: إن هذا لا أصل له وإنما هو قول النخعي، نبه على ذلك في تخريج أحاديث الرافعي.
وعلى تقدير وجوده فمعناه عدم التردد فيه. والثاني: تضر الزيادة فيه بالصفات المذكورة لاستقلالها بخلاف الله أكبر، وعلى الأول الاقتصار على الله أكبر أولى اتباعا للسنة وللخروج من الخلاف. (لا أكبر الله) فإنه يضر (على الصحيح) لأنه لا يسمى تكبيرا، بخلاف عليكم السلام آخر الصلاة كما سيأتي لأنه يسمى سلاما، والثاني: لا يضر لأن تقديم الخبر جائز.
فائدة: همزة الجلالة همزة وصل، فلو قال المصلي مأموما الله أكبر بحذف همزة الجلالة صح كما جزم به في المجموع لكنه خلاف الأولى. والحكمة في افتتاح الصلاة بالتكبير كما ذكره القاضي عياض استحضار المصلي عظمة من تهيأ لخدمته والوقوف بين يديه ليمتلئ هيبة فيحضر قلبه ويخشع ولا يعبث. ويجب أن يكبر قائما حيث يلزمه القيام لظاهر الخبر السابق، وأن يسمع نفسه إذا كان صحيح السمع لا عارض عنده من لغط أو غيره. ويسن أن لا يقصره بحيث لا يفهم، وأن لا يمططه بأن يبالغ في مده بل يأتي به مبينا، والاسراع به أولى من مده لئلا تزول النية، وبخلاف تكبير الانتقالات لئلا يخلو باقيها عن الذكر، وأن يجهر بتكبيرة الاحرام وتكبيرات الانتقال الإمام ليسمع المأمومين فيعلموا صلاته بخلاف غيره من مأموم ومنفرد فالسنة في حقه الاسرار. نعم إن لم يبلغ صوت الإمام جميع المأمومين. جهر بعضهم واحد أو أكثر بحسب الحاجة ليبلغ عنه، لخبر الصحيحين: أنه (ص) صلى في مرضه بالناس وأبو بكر رضي الله عنه يسمعهم التكبيرة. ولو كبر للاحرام تكبيرات ناويا بكل منها الافتتاح دخل في الصلاة بالأوتار وخرج منها بالاشفاع، لأن من افتتح صلاة ثم نوى افتتاح صلاة بطلت صلاته، هذا إن لم ينو بين كل تكبيرتين خروجا أو افتتاحا وإلا فيخرج بالنية ويدخل بالتكبير، فإن لم ينو بغير التكبيرة الأولى شيئا لم يضر، لأنه ذكر. ومحل ما ذكر مع العمد كما قاله ابن الرفعة، أما مع السهو فلا بطلان. (ومن عجز) وهو ناطق عن النطق بالتكبير بالعربية ولم يمكنه التعلم في الوقت، (ترجم) لأنه لا إعجاز فيه، والأصح أنه يأتي بمدلول التكبير بأي لغة شاء، وقيل: إن عرفه بالسريانية أو العبرانية تعينت لشرفها