فإن أدى إلى ذلك أذن بعضهم بالقرعة. قال في المجموع: وعند الترتيب لا يتأخر بعضهم عن بعض لئلا يذهب أول الوقت. فإن لم يكن إلا مؤذن واحد سن له أن يؤذن المرتين، فإن اقتصر على مرة فالأولى أن تكون بعد الفجر. والمؤذن الأول أولى بالإقامة إلا أن يكون الراتب أولى. ويجوز للإمام أن يرزق المؤذن من مال المصالح، قال في المجموع:
ولا يجوز أن يرزق مؤذنا وهو يجد متبرعا كما نص عليه، قال القاضي حسين: لأن الإمام في بيت المال كالوصي في مال اليتيم، والوصي لو وجد من يعمل في مال اليتيم متبرعا لم يجز أن يستأجر عليه من مال اليتيم فكذا الإمام. فإن تطوع به فاسق وثم أمين أو أمين وثم أمين أحسن صوتا منه وأبى الأمين في الأولى والأحسن صوتا في الثانية إلا بالرزق رزقه الإمام من سهم المصالح عند الحاجة بقدرها. وللإمام أن يرزقهم وإن تعددوا بعدد المساجد وإن تقاربت وأمكن جمع الناس بأحدها لئلا تتعطل. ويبدأ وجوبا إن ضاق بيت المال وندبا إن اتسع بالأهم كمؤن الجامع. وأذان صلاة الجمعة أهم من غيره لكثرة جماعتها وقصد الناس لها، وللإمام وغيره استئجاره على الاذان لأنه عمل معلوم يرزق عليه ككتابة الصك ولرجوع نفعه إلى عموم المسلمين فهو كتعليم القرآن، ولا يشترط بيان المدة إذا استأجره الإمام من بيت المال بل يكفي أن يقول استأجرتك كل شهر بكذا بخلاف ما إذا استأجره من ماله أو استأجره غيره فلا بد من بيانها على الأصل في الإجارة، وتدخل الإقامة في استئجار الاذان ضمنا ويبطل إفرادها بإجارة، إذ لا كلفة فيها وفي الاذان كلفة غالبا لرعاية الوقت، فسقط ما قيل إن هذه الصورة ليست بصافية عن الاشكال.
ولا يصح الاذان للجماعة بالعجمية وهناك من يحسن العربية بخلاف ما إذا كان هناك من لا يحسنها، فإن أذن لنفسه وكان لا يحسن العربية صح وإن كان هناك من يحسنها، وعليه أن يتعلم، حكاه في المجموع عن الماوردي، وأقره.
(ويسن لسامعه) أي المؤذن ومستمعه كما فهم بالأولى، ومثل المؤذن المقيم. (مثل قوله) لقوله (ص): إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن متفق عليه، ويقاس بالمؤذن المقيم. وتناولت عبارته الجنب والحائض ونحوهما، وهو المعتمد كما جزما به خلافا للسبكي في قوله لا يجيبان لحديث: كرهت أن أذكر الله إلا على طهر ولابنه في قوله ويمكن أن يتوسط، فيقال: تجيب الحائض لطول زمنها بخلاف الجنب. وتناولت أيضا المجامع وقاضي الحاجة، لكن إنما يجيبان بعد الفراغ كما قاله في المجموع، ومحله إذا لم يطل الفصل فإن طال لم تستحب لهما الإجابة. وفارق هذا تكبير العيد المشروع عقب الصلاة حيث يتدارك وإن طال الفصل بأن الإجابة تنقطع مع الطول بخلاف التكبير ومن في صلاة، والأصح أنه لا يستحب له الإجابة بل تكره، فإن قال في التثويب صدقت وبررت أو قال حي على الصلاة أو الصلاة خير من النوم بطلت صلاته، بخلاف صدق رسول الله (ص) لا تبطل به كما صرح به في المجموع. وإن أجاب في أثناء الفاتحة وجب استئنافها، وإذا كان السامع أو المستمع في قراءة أو ذكر استحب له أن يقطعهما ويجيب، أو في طواف أجاب فيه كما قاله الماوردي. ويسن أن يجيب في كل كلمة عقبها بأن لا يقارن ولا يتأخر كما في المجموع، قال الأسنوي: ومقتضاه الاجزاء في هذه الحالة وامتناعه عند التقدم. وأفهم كلام المصنف أنه لو علم أذان غيره أو إقامته ولم يسمعه لبعد أو صمم لا تسن له الإجابة. وقال في المجموع: إنه الظاهر لأنها معلقة بالسماع في خبر: إذا سمعتم المؤذن وكما في نظيره في تشميت العاطس قال: وإذا لم يسمع الترجيع فالظاهر أنه تسن له الإجابة فيه لقوله (ص): قولوا مثل ما يقول ولم يقل: مثل ما تسمعون. ويؤخذ من كلام المجموع في ذلك أنه لو سمع بعض الاذان يسن له أن يجيب في الجميع، وبه صرح الزركشي وغيره. قال في المجموع: وإذا سمع مؤذنا بعد مؤذن فالمختار أن أصل الفضيلة في الإجابة شامل للجميع إلا أن الأول متأكد يكره تركه. وقال ابن عبد السلام: إجابة الأول أفضل إلا أذاني الصبح فلا أفضلية فيهما لتقدم الأول ووقوع الثاني في الوقت، إلا أذاني الجمعة لتقدم الأول ومشروعية الثاني في زمنه (ص). (إلا في حيعلتيه) وهما: حي على الصلاة حي على الفلاح. (فيقول) بدل كل منهما: (لا حول) أي عن المعصية إلا بعصمة الله، (ولا قوة) على الطاعة (إلا بالله) أي بعون الله، فقد ثبت عن ابن مسعود أنه قال: كنت عند رسول الله (ص) فقلت: لا حول ولا قوة إلا بالله فقال رسول الله (ص): أتدري ما تفسيرها؟ قلت: لا، قال: لا حول عن معصية الله إلا