وأما ما ذهب إليه جمع من فقهائنا - رفع الله تعالى شأنهم - في العصور القريبة من وجوب التصدق والاجتزاء به واشتهر بين المتشرعة باسم (رد المظالم) فإنه لم يثبت عندنا، نعم لا بأس بالعمل عليه احتياطا وبرجاء المطلوبية والوفاء، من دون بناء على براءة الذمة من الدين بذلك.
(مسألة 53): إذا غاب صاحب الدين وانقطع خبره فإن علم بموته وجب دفع الدين لورثته وإن علم بحياته جرى ما تقدم في المسألة السابقة، وإن احتمل موته في غيبته جاز بل وجب دفعه إلى ورثته بعد أربع سنين من الفحص عنه في الأرض، كما يجب دفعه لهم بعد عشر سنين من غيبته وانقطاع خبره، وإن لم يفحص عنه في الأرض. أما لو كان انقطاع خبر صاحب الدين والعجز عن الوصول إليه لأمر طارئ على المدين نفسه - من غيبة أو سجن أو نحوهما - فلا يجوز له دفع الدين للوارث حتى إذا لم يعلم بموت صاحب الدين أو تقوم عليه حجة شرعية مهما طال الزمان، وجرى عليه ما تقدم في المسألة السابقة.
(مسألة 54): إذا وجب دفع الدين للورثة - للعلم بموت صاحب الدين أو الحكم به شرعا - فلا يكفي الدفع لبعضهم، أو لمن يتولى إدارة أمورهم ما لم تثبت ولايته، أو وكالته عنهم جميعا، بل يلزم مع عدم ثبوت ذلك إحراز وصول حصة كل واحد منهم من الدين له والتوثق من ذلك. وإذا ادعى بعض الورثة عدم وصول حقه له وجب على المدين تصديقه ما لم يثبت كذبه. وكذا الحال في جميع ما يجب إيصاله لورثة الميت من أمواله التي في أيدي الناس.
(مسألة 55): إذا وجب دفع الدين للوارث ولم يعرف الوارث، فإن علم بوجود وارث لصاحب الدين غير الإمام عليه السلام إلا أنه مجهول الشخص أو المكان جرى عليه ما تقدم في المسألة (52) من حكم تعذر الوصول لصاحب الدين، وإن لم يعلم بوجود وارث له غير الإمام كان الدين من الأنفال التي هي ملك الإمام عليه السلام ووجب مراجعة الحاكم الشرعي فيه، والأحوط وجوبا حينئذ تقديم فقراء بلد الميت إذا كان له بلد معروف، فيصرف فيهم بإذن الحاكم الشرعي.
(مسألة 56): إذا حل الدين وجب على المدين وفاؤه في أي مكان يصل فيه المال للدائن، إلا مع تعيين مكان التسليم في عقد لازم فيجب الاقتصار عليه.