وإن كان غائبا، فحضرت عند الحاكم وذكرت أنها مسلمة نفسها لزوجها على الإطلاق، لم يحكم لها بالنفقة بهذا القدر لكنه يكتب إلى حاكم البلد الذي فيه الزوج يعرفه ذلك ثم ذلك الحاكم يحضره ويقول له: فلانة زوجتك قد بذلت التمكين الكامل، فإما أن يسير للتسليم أو لا يسير، فإن سار من وقته وكل من ينوب عنه في القبض والتسليم، فحضر وقبض كان ابتداء النفقة من حين القبض، وإن لم يسر ولا وكل ضرب المدة التي لو سافر فيها وصل إليها ثم تكون عليه نفقتها عند انتهاء هذه المدة، لأنه وجد منها التمكين الكامل، وقدر هو على القبض فلم يفعل، فعليه نفقتها، هذا إذا كانا كبيرين.
وهكذا إذا كان هو كبيرا وهي مراهقة تصلح للوطء، فالحكم فيهما سواء وإنما يفترقان في فصل واحد، وهو أنها إذا كانت كبيرة فالخطاب معها في موضع السكنى والتمكين الكامل، وإذا كانت صغيرة قام وليها مقامها فيه لو كانت كبيرة على ما شرحناه.
فإن لم يكن ولي أو كان لكنه غائب أو كان حاضرا فمنعها، فسلمت هي نفسها منه وجبت النفقة وإن كانت ممن ليس من أهل الإقباض ولا يصح تصرفها، لأن الشئ إذا كان استحق قبضه فمتى قبضه المستحق صح وإن كان المقبوض منه ليس من أهل الإقباض.
ألا ترى من اشترى عبدا ودفع الثمن إلى بائعه، استحق المشتري قبض العبد فلو قبضه من صبي أو مجنون أو وجده في الطريق فأخذه وقع القبض موقعه اعتبارا بالقابض المستحق للقبض، ولا تراعى جهة المقبض لما بيناه.
وأما القسم الثاني: وهو إذا كان الزوج كبيرا والزوجة صغيرة، لا يجامع مثلها لصغرها، فلا نفقة لها، وقال آخرون: لها النفقة، والأول أصح عندنا.
وأما القسم الثالث: وهو إذا كان الزوج صغيرا وهي كبيرة، قال قوم: لها النفقة، وقال آخرون: لا نفقة لها، وهو الأقوى عندي، والأول أصح عند المخالفين.