فإذا ثبت أن المرجع في هذا إلى العرف، فإنما يرجع إلى العرف في مثلها، ولا يرجع إلى ما تزيت هي به نفسها.
فإن كانت من ذوي الأقدار فتواضعت وانبسطت في الخدمة وجب عليه إخدامها، وإن كانت بالصد من هذا فتكبرت وتعظمت وترفعت عن الخدمة لم تستحق بذلك الخدمة لأن المرجع فيه إلى قدرها، لا إلى الموجود منها في الحال، هذا إذا كانت صحيحة.
فأما إن مرضت واحتاجت إلى من يخدمها كان عليه أن يخدمها وإن كان مثلها لا يخدم في حال الصحة، لأن الاعتبار في كل هذا بالعرف ومن العرف أن يحتاج إلى خادم، كما أن العرف في الجليلة أنها تفتقر إلى خادم فجعلت هذه في حال المرض كالجليلة النسيبة حال الصحة.
وكل من قلنا لها الخدمة فليس على زوجها أن يزيدها على خادم واحد بحال ولو كانت أجل الناس، ومن الناس من قال: على الزوج أن يخدمها بقدر جمالها ومالها، والأول أصح لأن الذي عليه من الخدمة الكفاية، والكفاية تحصل بواحد، فإن كان لها مال وجهاز تحتاج إلى خدمة ومراعاة فليس عليه، والذي عليه إخدامها هي.
فإذا تقرر أنها لا تزاد على خادم واحد، فالكلام في صفة الخادم، فقال بعضهم: الزوج مخير بين أربعة أشياء: بين أن يشتري خادما أو يكتري أو يكون لها خادم ينفق عليه بإذنها، أو يخدمها بنفسه فيكفيها ما يكفيه الخادم، لأن الذي عليه تحصيل الخدمة لها وليس لها أن تتخير الجهات التي يحصل ذلك منها، وقال بعضهم: هو مخير بين ثلاثة أشياء: بين أن يشتري أو يكتري أو ينفق على خادمها، والأول أقوى لما تقدم.
فإن قالت: لست أختار أن يخدمني أحد، وإني أخدم نفسي وآخذ ما كان يأخذه خادمي، لم يكن ذلك لها لأن الخدمة لأجل الترفة والدعة، فإذا لم تختر ذلك وطلبت الخدمة لم يكن لها عوض.