فأما إن نزل لبن رجل فأرضع به مولودا العدد الذي يحرم مثله، لم ينشر الحرمة بلا خلاف، لأنه ما خلق غذاء للمولود فهو كلبن البهيمة.
فإن أرضعت امرأة جارية لقوم وصبيا لقوم آخرين كانت أمها وصارا أخوين من رضاع، فلهذا الصبي أن يتزوج بأم أخته التي لم ترضعه، لأنه لا حرمة بينه وبين أم أخته من نسب ولا رضاع، فهو كما قلنا له أن يتزوج أخت أخيه من رضاع كما يتزوج أخت أخيه من نسب.
رجل له زوجتان: صغيرة وكبيرة بها لبن من غيره، فدنت الصغيرة فارتضعت من الكبيرة، والكبيرة نائمة، انفسخ نكاحهما معا لأنه صار جامعا بين أم وبنتها، وأما التحريم فإن الكبيرة حرمت على التأبيد لأنها من أمهات النساء، وأما الصغيرة فإن كان دخل بأمها حرمت على التأبيد، وإن لم يدخل بها كان له نكاحها فيما بعد.
وأما المهر فإن الصغيرة لا مهر لها، لأن الفسخ جاء من قبلها قبل الدخول، وأما الكبيرة فإن كان قبل الدخول فلها نصف المسمى لأن الفسخ جاء لا من قبلها قبل الدخول، وله أن يرجع على الصغيرة لأنها حالت بينه وبين الكبيرة، وإن كان بعد الدخول بالكبيرة فقد استقر لها كل المسمى.
فإذا ثبت أن له أن يرجع على الصغيرة، فإن كان دخل بالكبيرة رجع على الصغيرة بكل المهر، وإن لم يكن دخل رجع بنصفه، فإن كان للصغيرة مال رجع عليها بذلك في الحال، وإلا كان في ذمتها يطالبها به إذا أيسرت.
إذا ادعت المرأة أن زوجها أقر بأنه أخوها من رضاع فأنكر، وأقامت المرأة أربع نسوة عدول شهدن بذلك، لم يقبل لا عندنا ولا عندهم، عندنا لما مضى وعندهم لأن شهادتهن منفردة إنما تقبل فيما لا يطلع عليها الرجال، وهذا إقرار وليس الإقرار كالمقر به، ألا ترى أنه يقبل في المال شاهد وامرأتان ولا يقبل في الشهادة على الشهادة بالمال شاهد وامرأتان.
امرأة كبيرة تزوجت بصغير له دون الحولين، فأصابت به عيبا فاختارت فسخ النكاح ففسخ، ثم تزوجت برجل كبير، فاستولدها، فأرضعت ذلك الصغير الذي كان