وإذا كان مستهلكا في الماء فإنما ينشر الحرمة عندهم إذا تحقق وصوله إلى جوفه، مثل أن يحلب في قدح ويصب عليه الماء حتى استهلك فيه، فإذا شرب جميع ذلك الماء نشر الحرمة، لأنه تحقق وصوله إلى جوفه، وإن لم يتحقق ذلك لم ينشر الحرمة، مثل أن قطرت قطرة في حب من ماء فإذا شرب بعض الماء لم ينشر الحرمة لأنه لا يتحقق وصوله إلى جوفه، وفيه خلاف، وهذا يسقط عنا لما بيناه.
إذا جبن اللبن أو أغلي ثم أطعم منه، لم ينشر الحرمة، وقال بعضهم: ينشر.
إذا ارتضع مولودان من بهيمة شاة أو بقرة أو غيرها لم يتعلق به تحريم، وحكي عن بعض السلف أنه قال: يصيران أخوين من الرضاعة إذا حصلت الرضاعة التي تحرم في الحولين نشر الحرمة وإن شرب واحدة منهما بعد الحولين لم ينشر الحرمة، فإن أرضعت الأخيرة وتمت مع الحولين نشرت الحرمة، وإن تم الحولان والثدي في فيه ولم يرو مع تمام الحولين لم ينشر الحرمة.
إذا أرضعته أكثر الرضعات وحلبت تمام العدد في إناء ثم ماتت فشربه الطفل بعد وفاتها أو حلبت جميع الرضعات في عددها من الإناء ثم ماتت فشرب الطفل ذلك العدد في تلك المرات لم ينشر الحرمة عندنا، وعندهم ينشر.
لبن الميتة لا ينشر الحرمة، فلو ارتضع منها العدد الذي يحرم مثله بعد وفاتها أو أكثرها حال الحياة وتمامها بعد الوفاة لم ينشر الحرمة، وبه قال بعضهم، وقال آخرون: ينشر الحرمة، وفيه خلاف.
إذا حلب من امرأة لبن وأوجر به الصبي ففيه أربع مسائل:
إحداها: حلبت بعدد المرات التي يحرم كل حلبة في إناء مفرد، وشرب الصبي كل حلبة وحدها منفردة عن غيرها، لم ينشر عندنا الحرمة وعندهم ينشر.
الثانية: حلبت لبنا كثيرا دفعة واحدة، ففرق في عدد المرات فشربها الصبي في تلك المرات متفرقات، عندنا لا ينشر الحرمة، وفيهم من قال: الجميع رضعة واحدة لأن اللبن انفصل عنها دفعة واحدة.
الثالثة: حلبت بعدد الرضعات مجتمعة في إناء واحد فشربه المولود دفعة واحدة