حكم التحريم، وحكم المحرم دون غيره من الأحكام التي تتعلق بالنسب، وعندنا تتعلق به أيضا العتق بالملك وكذلك لا يتعلق بالمصاهرة إلا هذان الحكمان، وهما تحريم المصاهرة وحرمة المحرم فقط.
فإذا ثبت هذا فالكلام بعده في بيان العقد الذي يتعلق به ذلك ويدور أكثر مدة الرضاع عليه.
وجملته متى وطئ امرأة وطأ يلحق به النسب بنكاح صحيح أو فاسد أو وطء شبهة أو ملك يمين فخلق الولد بينهما فهو ابنهما معا لأنه خلق من مائهما، قال الله تعالى: " خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب " فالولد خلق من مائهما معا ويكون ولدهما معا، فإذا نزل له لبن كان اللبن أيضا لهما، لأنه إنما نزل غذاء لهذا المولود، فلبن المرأة لبن المرضعة، ولبنه لبن الفحل، هكذا سماه الفقهاء لنزول اللبن بفعلهما، لا لأنه يجئ من الفحل لبن.
فإذا كان اللبن منهما كالولد، فإذا أرضعت بهذا اللبن خمس عشرة رضعة متوالية لا يفصل بينهما برضاع امرأة أخرى، أو رضاع يوم وليلة، إن لم ينضبط العدد مثل ذلك أو يعلم أنه نبت عليه اللحم والعظم، وفيه خلاف، انتشرت الحرمة من جهته إليهما، ومن جهتهما إليه.
فأما من جهته إليهما فإنما يتعلق به وحده وبنسله، دون غيره ممن هو في درجته من إخوته وأخواته أو أعلى منه من أمهاته وجداته وأخواله وخالاته أو آبائه وأجداده وأعمامه وعماته، فالحكم في من عداه وعدا ما يتناسل منه بمنزلة ما لم يكن هناك رضاع، فيحل للفحل نكاح أخت هذا المولود، ونكاح أمهاته وجداته، وإن كان لهذا المولود المرتضع أخ حل له نكاح هذه المرضعة، ونكاح أمهاتها وأخواتها لأنه لا رضاع هناك.
وروى أصحابنا أن جميع أولاد هذه المرضعة وجميع أولاد الفحل يحرمون على هذا المرتضع، وعلى أبيه وجميع إخوته وأخواته، وأنهم صاروا بمنزلة الإخوة والأخوات، وخالف جميعهم في ذلك.