أخته من النسب لأنه لا نسب بينهما ولا رضاع، وعلى هذا يدور كتاب الرضاع، فكلما نزلت بك حادثة فارجع إليه فاعتبر هذا به.
الرضاع إنما ينشر الحرمة إذا كان المولود صغيرا فأما إن كان كبيرا فارتضع فإنه لا ينشر الحرمة بلا خلاف إلا ما حكي من خلاف عائشة وبعض التابعين، فإنه حكي عنها أنها كانت تأمر بنات أخواتها وبنات أختها أن يرضعن من أحبت عائشة أن يراها وأن يدخل عليها وإن كان كبيرا، وبه قال أهل الظاهر.
الرضاع لا حكم له إلا ما كان في الحولين، فإن وقع بعضه في الحولين وبعضه خارج الحولين لم ينشر الحرمة، ولا فرق بين أن يكون المرتضع مفتقرا إلى شربه أو مستغنيا عنه، وفيه خلاف.
إذا ثبت عدد الرضعات التي تحرم على ما مضى من الخلاف في الحولين، فالكلام في بيان ما هو رضعة وما ليس برضعة، فالمرجع في ذلك إلى العرف، فما كان في العرف رضعة فهو رضعة، وما ليس في العرف برضعة فليس برضعة، لأن ما لا حد له في الشرع ولا في اللغة يرجع فيه إلى العرف كالنقل والتفرق والنقد، غير أن أصحابنا خاصة قدروا الرضع بما يروى الصبي منه ويمسك منه.
فإن أرضعته العدد المحرم كل رضعة في يوم أو كل رضعة في مجلس آخر فكل مرة رضعة، كرجل حلف ليأكلن خمس أكلات فأكل هكذا كان بارا في يمينه، غير أنا نعتبر أن لا يدخل بين الرضعة والرضعة رضاع امرأة أخرى.
وأما إن التقم الثدي ثم أرسله وعاد إليه نظرت: فإن كان قد قطع قطعا بينا يقال في العادة " أنه قد ترك الرضاع " فهي رضعة، وإن قطع قطعا يسيرا مثل أن قطعه لإعياء أو تنفس أو انتقل عنه إلى الثدي الثاني في الحال فالكل رضعة واحدة.
كما لو حلف لا أكلت اليوم إلا أكلة واحدة، فقدم الطعام إليه فأكل وترك لتنفس أو إعياء أو شرب ماء أو توقع لون آخر تنقل إليه فالكل أكلة واحدة، وإن قطع قطعا بينا فطال الفصل بينهما فهما أكلتان، وكذلك الرضاع فإن التقم الثدي فلما شرب نزعت الثدي عن فيه وقطعت الشرب عليه، فعلى ما قدمناه من أن المعتبر أن