فأما إذا وقعت الفرقة بالوفاة نظرت: فإن مات أحدهما بعد الفرض استقر بالوفاة، وإن مات أحدهما قبل الفرض وقبل الدخول ورثه الآخر، وإن مات الزوج فعليها العدة، وأما المهر فمتى مات أحدهما فعلى قولين: أحدهما لها مهر المثل، والثاني لا مهر لها، وهو الصحيح، عندنا وفيه خلاف.
مفوضة البضع لا تملك بالعقد مهرا أصلا، وإنما تملك بالعقد أن تملك، وما ذلك المهر؟ قال قوم: هو مهر المثل، وقال آخرون: ما يتقدر بالفرض، وهذا هو الصحيح عندنا.
فأما بالدخول فإنه يجب مهر المثل بلا خلاف.
وأما الفرض ففرضان: فرض الحاكم وفرض الزوجين، فأما فرض الحاكم فلا يجوز له أن يفرض إلا مهر المثل بحال، ولا يجوز له أن يفرض مهر المثل إلا بعد العلم بمهر مثلها، فأما فرض الزوجين فلا يخلو حالهما من أحد أمرين: إما أن يعلما مبلغ مهر المثل، أو لا يعلما.
فإن كانا به عالمين فإن اتفقا على فرض مهر المثل صح ولزم، لأنهما فعلا ما هو الواجب، وإن اتفقا على فرض هو دون مهر المثل صح ولزم أيضا، وعلمنا أنها تركت بعض حقها، وإن اتفقا على فرض أكثر من مهر المثل صح ولزم أيضا، وعلمنا أنه اختار أن يزيدها، وإن اتفقا ففرضا ثوبا أو غيره مما هو غير مهر المثل صح ولزم أيضا وعلمنا أنهما اتفقا على أخذ العوض عما وجب لها، وهذا جائز.
وأما إن كانا جاهلين بموضع مهر المثل فاتفقا على شئ ففرضاه ورضيا به، فهل يصح أم لا؟ قيل فيه قولان: أحدهما لا يصح، لأن الواجب مهر المثل، فإذا لم يعلما قدر المثل كان فرضهما مع الجهل باطلا، والثاني يصح ولزم ما فرضاه، وهو الصحيح عندنا، لأن الواجب ما يتفقان عليه.
إذا تزوجها مفوضة البضع فجاء أجنبي ففرض معها مهر مثلها وهما يعلمان مبلغه، وسلمه إليها وتسلمته وقبضته، ثم إن الزوج طلقها قبل الدخول بها قيل فيه ثلاثة أقوال: أحدهما يعود كله إلى الأجنبي، والثاني يعود نصفه إلى الأجنبي،