هاهنا جهتها من حيث وقع العقد بعين الألف، فلو قلنا: يصح البيع، بطل المهر لأن الفسخ جاء من قبلها، وإذا بطل المهر بطل البيع، لأنه يصير بيعا بلا ثمن، فإذا بطل بطل هو والنكاح معا، فلما أفضي إلى هذا أبطلنا البيع وبقينا النكاح بحاله.
وهذا كما يقول بعض المخالفين في الإقرار: إذا خلف الرجل أخا لا وارث له غيره فأقر بابن للميت يثبت نسبه ولم يرث، لأنك لو ورثته حجب الأخ وإذا حجبه سقط إقراره بالنسب، لأنه غيره وارث، وإذا سقط إقراره سقط نسب الابن وسقط إرث الأخ، فأسقطنا الإرث وأثبتنا النسب.
قد ذكرنا أن السيد إذا أذن للعبد في النكاح فنكح بمهر مثلها، وله كسب وجب المهر في ذمته، وتعلق بكسبه، وإذا مكنت من نفسها وجبت لها النفقة في كسبه.
فإذا ثبت هذا لم يخل السيد من أحد أمرين: إما أن يختار القيام بما وجب على عبده، أو لا يختار ذلك.
فإن لم يختر ذلك فعليه أن يرسله ليلا ونهارا، أما النهار ليكتسب ما وجب عليه، والليل ليستمتع من زوجته لأن المقصود من النكاح ذلك إلا أن تكون زوجة العبد في دار سيده فيأوي إلى زوجته ليلا في دار سيده، فإن أراد سيده أن يسافر به لم يكن له، لأنه قد تعلق الحقان بكسبه، وبالسفر به قطعه عنه، فإن قهره على نفسه وسافر به ضمن السيد أقل الأمرين من كسبه ونفقة زوجته، لأنه حال دونها، هذا إذا لم يتكفل السيد بذلك.
فإن تكفل السيد بما وجب على عبده كان له أن يستخدم عبده فيما شاء ويمنعه الكسب والاضطراب فيه، لكن عليه إرساله إلى زوجته ليلا، فإن أراد هاهنا أن يسافر به كان ذلك له.
فأما إذا زوج أمته فعليه أن يرسلها إلى زوجها ليلا، وله أن يمسكها لخدمته نهارا، لأنه يملك من أمته منفعتين استخداما واستمتاعا، فإذا عقد على إحديهما