يزوجه هو من غير إذنه جاز ذلك لأنه محجور مولى عليه، فكان لوليه أن يعقد عليه بغير أمره، فإن اختار وليه أن يرد إليه أن يتزوج لنفسه جاز ذلك، لأنه من أهل النكاح ويصح طلاقه وخلعه.
فإذا جعل الأمر إليه نظرت: فإن عين له المنكوحة أو القبيلة التي تنكح منها صح، وإن أطلق فيه قيل فيه وجهان: أحدهما يجوز كالعبد، والثاني لا يجوز لئلا يتزوج بالشريفة، فيلزمه مهر المثل وربما أجحف به، وإن زوجه وليه لم يكن له أن يزيد على مهر المثل، لأن الزيادة محاباة وهبة، وذلك لا يصح، وإن فوض الأمر إليه مثل ذلك لم يكن له أن يزيد على مهر المثل، فإذا تزوج بمهر المثل أو دونه فلا كلام، وإن تزوج بأكثر رد إلى مهر المثل.
ومتى احتاج إلى النكاح وطالب الولي بذلك فامتنع من تزويجه فتزوج لنفسه فهل يصح العقد أم لا؟ فيه وجهان: أحدهما لا يصح، لأنه نكاح محجور عليه بغير إذن وليه فأشبه إذا لم يمنعه، والثاني يصح لأن الحق قد تعين له، فإذا تعذر عليه أن يستوفيه بغيره، جاز أن يستوفيه بنفسه، كمن له حق عند غيره فمنعه، وتعذر عليه أن يصل إليه كان له أن يستوفيه بنفسه، وهو الأقوى.
فأما المجنون ينظر فيه: فإن كان جنونه دائما سرمدا لا يفيق نظرت: فإن لم يكن به إلى النكاح حاجة لم يزوجه، وإن كان به إليه حاجة مثل أن يراه يتبع النساء ويحن إليهن أو تظهر فيه أمارات الشهوة زوجه لأنه من مصلحته، وليس له أن يرد النكاح إليه ليليه بنفسه لأن هذا ليس من أهل النكاح، فإن كان يجن يوما ويفيق يوما لم يزوجه وليه أصلا، لأنه إن كان به إليه حاجة تزوج لنفسه يوم إفاقته.
فأما المرض المزيل للعقل كالسرسام ونحوه ينتظر به، فإن زال عقله واستمر به فهو كالجنون المطبق، وإن كان ذلك أياما ثم يفيق كان له أن يتزوج بنفسه ولم يكن لوليه أن يزوجه.
لا يجوز للعبد أن ينكح بغير إذن سيده، فإن فعل كان موقوفا على إجازة