وقالت عائشة: رضاع الكبير يحرم كما يحرم رضاع الصغير، وبه قال أهل الظاهر.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم، وأيضا قوله تعالى: والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة، وفيه دليلان:
الأول: أنه جعل الحولين تمام الرضاعة، ومعلوم أنه لم يرد الاسم واللغة ولا الجواز فإنه ينطلق على بعد الحولين، ثبت أنه أراد الرضاع الشرعي الذي يتعلق به الحرمة والتحريم.
والثاني: حده بالحولين فلا يخلو إما أن يفيد جواز الرضاعة أو الكفاية أو التحريم، فبطل أن يريد الجواز لأنه جائز بلا خلاف، وبطل أن يريد الكفاية لأنه قد يكتفي بدون الحولين، فلم يبق إلا أنه حده بهذه المدة لأن الحكم بها يتعلق لا غير.
وأيضا روى ابن عباس أنه عليه السلام قال: لا رضاع بعد الحولين، ومعلوم أنه لم يرد سلب الاسم بعد الحولين لأن الاسم ينطلق عليه بعدها، ثبت أنه أراد سلب حكمه.
مسألة 5: القدر المعتبر في الرضاع المحرم ينبغي أن يكون كله واقعا في مدة الحولين، فإن وقع بعضه في مدة الحولين وبعضه خارجا لم يحرم.
مثاله أن من راعى عشر رضعات من أصحابنا أو خمس عشرة رضعة على ما اعتبرناه فإن وقع خمس رضعات في مدة الحولين وباقيها بعد تمام الحولين فإنه لا يحرم.
وقال الشافعي: إن وقع أربع رضعات في الحولين وخامسة بعدهما ينشر الحرمة، وبه قال أبو يوسف ومحمد، وعن مالك روايات المشهور عنها حولان وشهر فهو يقول: المدة خمسة وعشرون شهرا، فخالفنا في شهر.
وقال أبو حنيفة: المدة حولان ونصف، ثلاثون شهرا، وقال زفر: ثلاثة