إذا أوصى لرجل بما تحمل هذه الجارية، أو قال: أوصيت بما تحمل هذه الشجرة، فإن الوصية صحيحة، والفرق بين هذه والتي مضت إذا أوصى بما تحمل هذه الجارية لأن المملك هناك معدوم غير موجود، والمملك هنا موجود وهو الموصى له، وإن كان الشئ الذي أوصى به له معدوما فلا يضر، لأن الاعتبار بوجود المملك.
إذا أوصى بخدمة عبده أو بغلة داره أو ثمرة بستانه على التأبيد صحت الوصية عند الجميع إلا ابن أبي ليلى فإنه أبطلها لأنها مجهولة، وإذا ثبت صحتها فإنها تعتبر من الثلث، وكيفية الاعتبار بأن يقوم الرقبة والمنفعة من الثلث، وقال قوم: تقوم الرقبة من الثلثين ثلثي الورثة، ويقوم المنفعة من ثلثه، ومن الناس من قال: يقوم عليه المنفعة، وتسقط الرقبة في باب القيمة، وهذا ضعيف عندهم، وهو الأقوى عندي.
فمن قال: تقوم الرقبة من الثلثين، والمنفعة من الثلث، يقول: المنفعة تنتقل إلى الموصى له، وتنتقل الرقبة إلى الورثة، ومن قال: تقوم الرقبة والمنفعة، قال: ثم ينظر فإن خرج العبد من الثلث كان كله للموصى له، وإن خرج بعضه كان له من العبد بقدر ذلك، والباقي للورثة.
وعلى ما قلته تقوم المنفعة، فإن خرج من الثلث كان له، وإن لم يخرج كان له منها بقدر الثلث، والباقي للورثة.
إذا أوصى لرجل برقبة عبده ولآخر بمنفعة عبده، كانت الوصية صحيحة، لأنه يملك المنفعة كما يملك الرقبة، فإذا ثبت هذا فإنه يصح فإنه يقوم على كل واحد منهما - من الموصى لهما - من الثلث.
ولو أوصى بمنفعة عبده أو داره مدة معلومة سنة أو أكثر أو أقل، فإن هاهنا تقوم المنفعة وتقوم الرقبة على الورثة، ونفقة هذا العبد، على من تجب؟ قيل فيه ثلاثة أوجه: أحدها على ورثة صاحب الرقبة لأنها له، والثاني على صاحب المنفعة كما لو تزوج أمة كان نفقتها على زوجها، لأن منافعها للزوج، الثالث أن نفقته في