ماله أزيد مما يحج به فكذلك عندنا، وعندهم: يستأجر من يحج عنه بجميع ثلثه إذا كان أجنبيا ولا يجوز أن يستأجر وارث، لأن ما زاد على أجرة المثل وصية بالمحاباة، وذلك لا يصح للوارث، وعندنا أن ذلك يصح.
وإن قال: حجوا عني بثلثي، ولم يقل " حجة " فقد أوصى بأن يحج عنه بثلثه، فينظر في ذلك، فإن كان ثلثه بقدر ما يحج به حجة واحدة، استؤجر من يحج عنه، سواء كان وارثا أو غيره، وإن كان ثلث ماله أكثر من أجرة مثله، فإنه لا يجوز أن يستأجر عنه بأكثر منه، وينظر في الزيادة، فإن أمكن أن يستأجر به من يحج عنه حجة أخرى فعل، وإن لم يمكن ردت الزيادة إلى الورثة، لأن الوصية متى لم تصح في الوجه الذي صرفه فيه رجعت إلى الورثة.
والفرق بين هذه المسألة والتي قبلها أن فيما قبلها أوصى بأن يحج حجة واحدة بجميع ثلثه فلأجل هذا لم يراع أجرة المثل.
إذا أوصى أن يحج عنه بمائة درهم من ثلث ماله، وأوصى بما بقي من الثلث لرجل آخر بعينه، وأوصى لرجل آخر بثلث ماله، فالوصية الأولى والثانية صحيحتان والأخيرة باطلة، وإن اشتبها استعملت القرعة، هذا إذا كان الثلث أكثر من مائة، فإن كان الثلث مائة أو دونها فالوصية الثانية والثالثة باطلتان معا.
وقال المخالف: هذه وصية بثلثي ماله، فلا يخلو ثلث ماله من أحد أمرين: إما أن يكون قدر مائة فما دون، أو أكثر من ذلك، فإن كان ثلث ماله قدر مائه، فإن وصيته بما زاد على المائة باطلة، لأنها وصية بما لا يملك، وتبقى الوصية بالحج وثلث، فلا يخلو أن يجيز الورثة ما زاد على الثلث أو لا تجيز، فإن أجازوا ذلك صرف إلى الحج مائة ودفع إلى الموصى له بالثلث مائة أخرى، وإن لم يجيزوا ذلك قسم الثلث بينهما نصفين، فيصرف إلى الحج خمسين ويدفع إلى الموصى له بالثلث خمسين.
فأما إذا كان ثلث ماله أكثر من مائة نظرت، فإن كان ثلث ماله خمسين ومائة نظرت في الورثة، فإن أجازوا الوصية في الكل دفع إلى الموصى له بالثلث