كسبه فإن لم يف كسبه كان في بيت المال.
إذا ثبت هذا فالكلام في التصرف، أما الموصى له فله أن يتصرف في المنفعة بكل حال، وهل لورثة صاحب الرقبة التصرف فيه بالبيع؟ قيل: فيه ثلاثة أوجه:
أحدها له أن يبيعه لأنه ملكه، وهو الأقوى، والثاني ليس له بيعه، لأنها رقبة بلا منفعة فهو كبيع الجعلان والديدان والخنافس، والثالث له أن يبيع من الموصى له دون غيره، لأنه يحصل له الرقبة والمنفعة، فأما إن أعتقه صح العتق والوصية بحالها، ويستحق الموصى له المنفعة كما كان ولا يرجع العبد على الورثة.
فإن جنى على هذا العبد قتل فإنه يلزم القاتل القيمة، ولمن تكون هذه القيمة؟
على وجهين: أحدهما لصاحب الرقبة لأنها ملكه، وهذه القيمة عوض عن الرقبة، والوجه الثاني لا يكون لصاحب الرقبة، لأنا لو دفعنا إليه لكنا دفعنا إليه ما له وما لغيره، فعلى هذا يشترى بهذه القيمة عبد مكانه، فتكون المنفعة للموصى له ورقبته للورثة.
وإن أوصى بثمرة نخلة لرجل فاحتاج إلى السقي فلا يجب على واحد منهما، لأن الموصى له يقول: الرقبة ليس لي فلا يلزمني، ولا للورثة لأنها تقول: المنفعة لغيري ولا أملك الثمرة، فلما لي أسقي، لكن إن تطوع أحدهما بالسقي كان له ذلك.
إذا أوصى لرجل بخدمة أمته فاتت بولد مملوك، فلمن يكون هذا الولد؟
قيل فيه وجهان: أحدهما للموصى له لأنه من نماء الأمة، والمنفعة والكسب له كذلك نماؤها مثل الولد، والوجه الثاني تكون للورثة الرقبة والمنفعة للموصى له، لأن هذا الولد بعض منها وجزء منها فحكمه حكمها وهو الأقوى.
فإن قتل هذا الولد لزم القيمة قاتله، ولمن تكون؟ من قال: إن الولد للموصى له، قال: كذلك القيمة له، ومن قال: الولد حكمه حكم الأم، فعلى وجهين.
فتحصل هاهنا ثلاثة أوجه: أحدها القيمة للموصى له، والثاني للورثة، والثالث يشترى به عبد مكانه يكون رقبته للورثة، ومنفعته للموصى له.