ورثته بالخيار فيما اشتراه وسماه لأصدقائه، إن شاءوا أمسكوه، وإن شاءوا أهدوا لهم، لأن الهدية لا تصح إلا بالإيجاب والقبول، ولا تلزم إلا بالقبض، وكذلك إذا أهدي إلى رجل شيئا على يد رسول فإنه على ملكه بعد، وإن مات المهدي إليه كان له استرجاعه، وإن مات المهدي كان لوارثه الخيار.
وإذا وصلت الهدية إلى المهدي إليه لم يملكها بالوصول ولم تلزم، ويكون ذلك إباحة من المهدي، حتى أنه لو أهدي إليه جارية لم يجز أن يستمتع بها، لأن الإباحة لا تدخل في الاستمتاع، ومن أراد الهدية ولزومها وانتقال الملك فيها إلى المهدي إليه الغائب، فليوكل رسوله في عقد الهدية معه، فإذا مضى وأوجب له وقبل المهدي إليه وقبضه إياها لزم العقد، وملك المهدي إليه الهدية.
إذا وهب في مرضه المخوف شيئا وسلمه إليه، فإن صح من مرضه لزمه الهبة في جميعه، سواء كان قدر الثلث أو أكثر، وإن مات منه لزمه الهبة قدر الثلث، وما زاد عليه فالورثة فيه بالخيار إن شاءوا أجازوه، وإن شاءوا ردوه واسترجعوه، عند من قال: إن الهبة في حال المرض من الثلث، وإن كان بعد ما سلمه إليه لم يلزم عقد الهبة وكانوا بالخيار بين أن يسلموه إلى الموهوب له وبين أن يمسكوه ويفسخوا العقد، لأن الموهوب ما لم يقبض فللوارث فيه الخيار إن مات هو.
وأما إذا أوصي له بشئ فإن الوصية تلزمه في الثلث بكل حال، سواء كان الموصى له قد تسلم القدر الموصى به، أو لم يتسلمه.
فصل: في العمرى والرقبى والسكنى العمرى نوع من الهبات تفتقر صحتها إلى إيجاب وقبول، ويفتقر لزومها إلى قبض، كسائر الهبات، وهي مشتقة من العمر وصورتها أن يقول الرجل للرجل:
أعمرتك هذه الدار وجعلتها لك عمرك أو هي لك ما حييت أو ما بقيت أو ما عشت، وما أشبه هذا مما هو في معناه.
وهذا عقد جائز، وفي الناس من قال: العمرى لا تجوز، فإذا ثبت جوازها فلا