فإن أوصى لوارث بثلث ماله فللورثة أن يمنعوا من ذلك، وإن أوصى بزيادة عليه فلهم أن يمنعوا المتعينين وإن أجازته الورثة يصح ذلك كما مضى، من أنه ابتداء هبة من الورثة أو إجازة، والآخر عندهم الصحيح.
وعلى ما قلناه إجماع الفرقة وظاهر القرآن، قال الله تعالى: كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين، ونكتة هذا القول أن تصرف المريض صحيح في جميع ماله الذي يتصرف فيه ما كان منجزا وغير منجز، بدليل أنه لو برئ فقد لزم ونفذ، ولا يكون له الرجوع، وإن كان تعلق به خيار الورثة من المنع وغيره، فإذا أجازت الورثة فإنهم أجازوا وصيته عن عقد تقدم.
وذلك كرجل اشترى عبدا وظهر به عيب كان له الخيار بالرد، فإن أمسكه واختاره معيبا فإن أحدا لا يقول هذا استئناف عقد، وإنما يكون إمساكه عن عقد متقدم، فكذلك هاهنا.
فإذا ثبت أنه إجازة فإذا أجازوا فقد لزم، وليس لهم الرجوع، لأنهم أسقطوا حقوقهم بالإجازة كالشفعة، ولا يفتقر إلى القبض، ومن قال: إنه ابتداء هبة، فللورثة الرجوع قبل القبض مثل الهبة، وقال قوم: لا بد من القبض، وقبضه قوله: أبحت لك، ملكتك، وهبت لك ما أوصى فلان لك.
رجل أعتق عبدا له لا مال له غيره في مرضه المخوف، نظرت فيه: فإن لم تجزه الورثة بطل العتق في ثلثي العبد، وصح في الثلث، ويكون الولاء في الثلث له وينتقل إلى عصبته، فإن أجازت الورثة، فمن قال: إنه إجازة على فعل الموصي، قال: ينعتق العبد ويكون ولاؤه لورثة الموصي الذكور دون الإناث، ومن قال:
ابتداء هبة، قال: ولاء ثلث العبد للموصي، وللعصبة ولاء ثلثي العبد لورثته الذين أجازوا العتق.
رجل أوصى لرجل بنصف ماله، فأجازت الورثة ذلك، ثم قالوا: إنا علمنا أن ماله ثلاثة آلاف وكنا نظنه ألفا وخمسمائة، وإنما أجزت خمسمائة والآن لا