وإن قلنا: إنه بمنزلة الشهادة، ثبت الإرث، وهذا هو الصحيح عندي.
إذا أعتق أمته في مرضه، وقيمتها مائة دينار، وله مائتان فتزوجها وأصدقها مائة دينار ومات لم ترث، لأنا إذا أورثناها كان إعتاقه إياها حال مرضه وصية لوارث، والوصية للوارث لا تصح وإذا لم تصح بطل العتق، وإذا بطل العتق بطل النكاح، وإذا بطل النكاح بطل الميراث، فإثبات الميراث يؤدي إلى إسقاطه، فلم يثبت.
ولا يأخذ صداقها أيضا لأن ذلك يؤدي إلى إسقاط الصداق، لأنها إذا أخذت مائة صداقا عاد ماله مائتين، مائة قيمتها، ومائة دينار حاصلة في يده، فيكون قيمتها نصف ماله فلا يخرج عتقها من ثلث ماله فيرق بعضها، وإذا رق البعض بطل النكاح وإذا بطل النكاح بطل الصداق لأن ثبوته بثبوت النكاح، وقد بينا ما عندنا في نظير هذه المسألة.
إذا أعتق رجل عبدين في حال صحته فادعى رجل عليه أنه غصبهما عليه وأنهما مملوكان له، فأنكر ذلك المعتق فشهد له المعتقان بذلك، لم تقبل شهادتهما، لأن إثبات شهادتهما يؤدي إلى إسقاطه لأنه إذا حكم بشهادتهما لم ينفذ العتق، وإذا لم ينفذ العتق بقيا على رقهما وإذا بقيا على رقهما لم تصح شهادتهما، فلما كان إثباتها يؤدي إلى إسقاطها لم يحكم بها، وهذا أيضا على مذهبنا لا تقبل شهادتهما، لأنا لو قبلناها لرجعا رقين، وتكون شهادتهما على المولى، وشهادة العبد لا تقبل على مولاه، فلذلك بطل، لا لما قالوه.
إذا كان ماله ثلاثة آلاف، فاشترى في مرضه أباه بألف درهم عتق عليه، فإذا مات الابن لم يرثه الأب، لأن توريثه يؤدي إلى إسقاط ميراثه، لأنا إذا أورثناه صار عتقه وصية له، والوصية للوارث لا تجوز، فبطل العتق، وإذا بطل العتق بطل الميراث، وعندنا يرث لأن الوصية للوارث تصح.
فأما إذا أوصي له به وقبل الوصية أو وهب له فقبل الهبة عتق ولا يورث أيضا لأنا إذا أورثناه كان العتق وصية للوارث، وذلك لا يصح فيبطل العتق،