وأما قول القائل: الألف التي على فلان على. فإنما جعلناه ضمانا في الذمة، لأنه يقصد به إثبات المال في ذمته على نفسه، وذلك لا يثبت إلا على وجه الضمان، فكان ذلك دليلا على أنه قصد به الالتزام في الذمة، وليس في مسألتنا قرينة تدل على ذلك.
مسألة 20: إذا قال: لفلان على قفيز، لا بل قفيزان، أو درهم، لا بل درهمان. لزمه قفيزان ودرهمان. وبه قال الشافعي.
وقال زفر وداود: يلزمه ثلاثة أقفزة وثلاثة دراهم.
دليلنا: أن قوله: (لا بل) للإضراب عن الأول، والاقتصار على الثاني، واستدراك للزيادة على الأول، فإن كان من جنسه لم يلزمه إلا ما استدركه. كما لو قال: لفلان على درهم لا بل أكثر، فإنه لا يلزمه إلا درهم بزيادة، ولا يلزمه درهم ودرهم بزيادة. ويفارق إذا قال: قفيز حنطة لا بل قفيز شعير، لأنه استدرك جنسا آخر، فلم يسقط الجنس الذي أقر به أولا.
مسألة 21: إذا أقر لرجل يوم السبت بدرهم، ثم قال يوم الأحد: له على درهم. لم يلزمه إلا درهم واحد، ويرجع إليه في التفسير. وبه قال الشافعي.
وقال أبو حنيفة: يلزمه درهمان.
دليلنا: أنه يحتمل أن يكون ذلك تكرارا وإخبارا عن الدرهم المتقدم، والأصل براءة الذمة، فلا يلزم ما لا دليل عليه.
ولأن هذا يؤدى إلى أن يكلف المقر على نفسه بمال، إذا أراد أن يشهد على نفسه، أن يجمع الشهود، فيقر دفعة واحدة، لأنه إذا أشهد دفعتين لم تتفق الشهادة على مقدار واحد، لأن الإقرار كلما تكرر عند شاهد أوجب الزيادة على ما تقدم، وهذا يدل على بطلان قولهم.